وجملة : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ . . . } تعليل لما ينبئ عنه ما قبله من ظهور جنونهم بحيث لا يخفى على أحد ، وتأكيد لوعده صلى الله عليه وسلم بالنصر ، ولوعيدهم بالخيبة والخسران .
أي : إن ربك - أيها الرسول الكريم - الذي خلقك فسواك فعدلك ، هو أعلم بمن ضل عن سبيله ، وبمن أعرض عن طريق الحق والصواب . . وهو - سبحانه - أعلم بالمهتدين الذين اهتدوا إلى ما ينفعهم ويسعدهم في دنياهم وآخرتهم . .
وما دام الأمر كذلك : فذرهم في طغيانهم يعمهون ، وسر في طريقك ، فستكون العاقبة لك ولأتباعك .
وقوله : { إنّ رَبّكَ هُوَ أعْلَمُ بِمَنْ ضَلّ عَنْ سَبِيلِهِ } يقول تعالى ذكره : إن ربك يا محمد هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله ، كضلال كفار قريش عن دين الله ، وطريق الهدى { وَهُوَ أعْلَمُ بالمُهْتَدينَ } يقول : وهو أعلم بمن اهتدى ، فاتبع الحقّ ، وأقرّ به ، كما اهتديت أنت فاتبعت الحقّ ، وهذا من معاريض الكلام . وإنما معنى الكلام : إن ربك هو أعلم يا محمد بك ، وأنت المهتدي وبقومك من كفار قريش ، وأنهم الضالون عن سبيل الحقّ .
تعليل لجملة : { فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون } [ القلم : 56 ] باعتبار ما تضمنته من التعريض بأن الجانب المفتون هو الجانب القائل له { إنك لمجنون } [ الحجر : 6 ] وأن ضده بضده هو الراجع العقل أي الذي أخبرك بما كنّى عنه قوله : { فستبصر ويبصرون } [ القلم : 5 ] من أنهم المجانين هو الأعلم بالفريقين وهو الذي أنبأك بأن سيتضح الحق لأبصارهم فتعين أن المفتون هو الفريق الذين وسموا النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مجنون المردودُ عليهم بقوله تعالى : { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } [ القلم : 2 ] إذ هم الضالون عن سبيل ربّ النبي صلى الله عليه وسلم لا محالة ، وينتظم بالتدرج من أول السورة إلى هنا أقيسَة مساواةٍ مندرج بعضها في بعض تقتضي مساواة حقيقة من ضل عن سبل رب النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة المفتون . ومساواة حقيقة المفتون بحقيقة المجنون ، فتُنتج أن فريق المشركين هم المتصفون بالجنون بقاعدة قياس المساواة أن مُساوِيَ المساوي لشيء مساوٍ لذلك الشيء .
وهذا الانتقال تضمن وعداً ووعيداً ، بإضافة السبيل إلى الله ومقابلةِ من ضل عنه بالمهتدين .
وعمومُ من ضل عن سبيله وعمومُ المهتدين يجعل هذه الجملة مع كونها كالدليل هي أيضاً من التذييل .
وهو بعدَ هذا كله تمهيد وتوطئة لقوله : { فلا تطع المكذبين } [ القلم : 8 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.