إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعۡلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ وَهُوَ أَعۡلَمُ بِٱلۡمُهۡتَدِينَ} (7)

وقولُه تعالَى : { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ } تعليلٌ لما ينبئُ عنهُ ما قبلَهُ من ظهورِ جنونِهِم بحيثُ لا يَخْفى على أحدٍ ، وتأكيدٌ لما فيهِ من الوعدِ والوعيدِ ، أي هُو أعلمُ بمن ضلَّ عن سبيلِهِ تعالَى المؤدِّي إلى سعادةِ الدارينِ ، وهامَ في تيهِ الضلالِ متوجهاً إلى ما يفضيهِ إلى الشقاوةِ الأبديةِ ، وهذا هُو المجنونُ الذي لا يفرقُ بين النفعِ والضررِ ، بل يحسبُ الضررَ نفعاً فيؤثرهُ ، والنفعَ ضرراً فيهجُرهُ { وَهُوَ أَعْلَمُ بالمهتدين } إلى سبيلِهِ الفائزينَ بكلِّ مطلوبٍ ، الناجينَ عن كلِّ محذورٍ ، وهُم العقلاءُ المراجيحُ ، فيجزِي كلاً من الفريقينِ حسبَما يستحقُّهُ من العقابِ والثوابِ ، وإعادةُ هو أعلمُ لزيادةِ التقريرِ .