31- إنهم يطلبون معجزة غير القرآن مع عظم تأثيره لو طلبوا الحق وأذعنوا له ، فلو ثبت أن كتاباً يُقرأ فتتحرك به الجبال من أماكنها ، أو تتصدع به الأرض ، أو تخاطب به الموتى ، لكان ذلك هو القرآن ، ولكنهم معاندون ، ولله - وحده - الأمر كله في المعجزات وجزاء الجاحدين ، وله في ذلك القدرة الكاملة ، وإذا كانوا في هذه الحال من العناد ، أفلا ييأس الذين أذعنوا للحق من أن يؤمن هؤلاء الجاحدين ، وإن جحودهم بإرادة الله ، ولو أراد أن يهتدي الناس جميعاً لاهتدوا ، وأن قدرة الله ظاهرة بين أيديهم ، فلا يزالون تصيبهم بسبب أعمالهم القوارع الشديدة التي تهلكهم ، أو تنزل قريباً منهم ، حتى يكون الموعد الذي وعد الله به ، والله تعالي لا يخلف موعده .
قوله تعالى : { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال } ، الآية . نزلت في نفر من مشركي مكة ، منهم أبو جهل بن هشام ، وعبد الله بن أبي أمية ، جلسوا خلف الكعبة فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتاهم ، فقال له عبد الله بن أبي أمية : إن سرك أن نتبعك فسير جبال مكة بالقرآن فأذهبها عنا حتى تنفسح ، فإنها أرض ضيقة لمزارعنا ، واجعل لنا فيها عيونا وأنهارا ، لنغرس فيها الأشجار ونزرع ، ونتخذ البساتين ، فلست كما زعمت بأهون على ربك من داود عليه السلام حيث سخر له الجبال تسبح معه ، أو سخر لنا الريح فنركبها إلى الشام لميرتنا وحوائجنا ونرجع في يومنا ، فقد سخرت الريح لسليمان كما زعمت ، ولست بأهون على ربك من سليمان ، وأحيي لنا جدك قصيا أو من شئت من آبائنا وموتانا لنسأله عن أمرك أحق ما تقول أم باطل ؟ فإن عيسى كان يحيي الموتى ، ولست بأهون على الله منه فأنزل الله عز وجل : { ولو أن قرآنا سيرت به الجبال } فأذهبت عن وجه الأرض ، { أو قطعت به الأرض } ، أي : شققت فجعلت أنهارا وعيونا { أو كلم به الموتى } واختلفوا في جواب { لو } : فقال قوم : جوابه محذوف ، اكتفاء بمعرفة السامعين مراده وتقديره : لكان هذا القرآن ، كقول الشاعر :
فأقسم لو شيء أتانا رسوله *** سواك ولكن لم نجد لك مدفعا
أراد : لرددناه ، وهذا معنى قول قتادة قال : لو فعل هذا بقرآن قبل قرآنكم لفعل بقرآنكم . وقال آخرون : جواب لو مقدم . وتقدير الكلام : وهم يكفرون بالرحمن { ولو أن قرآناً سيرت به الجبال } ، كأنه قال : لو سيرت به الجبال { أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى } لكفروا بالرحمن ولم يؤمنوا ، لما سبق من علمنا فيهم ، كما قال : { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا } [ الأنعام-111 ] ثم قال : { بل لله الأمر جميعاً } ، أي : في هذه الأشياء إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل . { أفلم ييأس الذين آمنوا } ، قال أكثر المفسرين : معناه أفلم يعلم . قال الكلبي : هي لغة النخع . وقيل : لغة هوازن ، يدل عليه قراءة ابن عباس : أفلم يتبين الذين آمنوا . وأنكر الفراء أن يكون ذلك بمعنى العلم ، وزعم أنه لم يسمع أحدا من العرب يقول : يئستن بمعنى : علمت ، ولكن معنى العلم فيه مضمر . وذلك أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمعوا هذا من المشركين طمعوا في أن يفعل الله ما سألوا فيؤمنوا فنزل : { أفلم ييأس الذين آمنوا } يعني : الصحابة رضي الله عنهم أجمعين من إيمان هؤلاء ، أي لم ييأسوا علما ، وكل من علم شيئا يئس من خلافه ، يقول : ألم ييئسهم العلم ؟ { أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعاً ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا } ، من كفرهم وأعمالهم الخبيثة " قارعة " أي : نازلة وداهية تقرعهم من أنواع البلاء ، أحيانا بالجدب ، وأحيانا بالسلب ، وأحيانا بالقتل والأسر . وقال ابن عباس : أراد بالقارعة : السرايا التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثهم إليهم . { أو تحل } ، يعني : السرية أو القارعة ، { قريباً من دارهم } ، وقيل : أو تحل : أي تنزل أنت يا محمد بنفسك قريبا من ديارهم ، { حتى يأتي وعد الله } ، قيل : يوم القيامة . وقيل : الفتح والنصر وظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه . { إن الله لا يخلف الميعاد } .
{ 31 } { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ }
يقول تعالى مبينا فضل القرآن الكريم على سائر الكتب المنزلة : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا } من الكتب الإلهية { سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ } عن أماكنها { أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ } جنانا وأنهارا { أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى } لكان هذا القرآن . { بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعًا } فيأتي بالآيات التي تقتضيها حكمته ، فما بال المكذبين يقترحون من الآيات ما يقترحون ؟ فهل لهم أو لغيرهم من الأمر شيء ؟ .
{ أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا } فليعلموا أنه قادر على هدايتهم جميعا ولكنه لا يشاء ذلك ، بل يهدي من يشاء ، ويضل من يشاء { وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا } على كفرهم ، لا يعتبرون ولا يتعظون ، والله تعالى يوالي عليهم القوارع التي تصيبهم في ديارهم أو تحل قريبا منها ، وهم مصرون على كفرهم { حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ } الذي وعدهم به ، لنزول العذاب المتصل الذي لا يمكن رفعه ، { إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } وهذا تهديد لهم وتخويف من نزول ما وعدهم الله به على كفرهم وعنادهم وظلمهم .
ثم أشار - سبحانه - إلى عظمة هذا القرآن الذي أوحاه إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الجبال أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرض أَوْ كُلِّمَ بِهِ الموتى . . . } .
والمراد بالقرآن هنا : معناه اللغوى ، أى الكلام المقروء .
وجواب لو محذوف لدلالة المقام عليه .
والمعنى : ولو أن كتابا مقروءا من الكتب السماوية ، { سُيِّرَتْ بِهِ الجبال } أى : تحركت من أماكنها ، { أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرض } أى شققت وصارت قطعا ، { أَوْ كُلِّمَ بِهِ الموتى } بأن يعودوا إلى الحياة بعد قراءته عليهم .
ولو أن كتابا مقروءا كان من وظيفته أن يفعل ذلك لكان هذا القرآن ، لكونه الغاية القصوى في الهداية والتذكير ، والنهاية العظمى في الترغيب والترهيب .
وعلى هذا المعنى يكون الغرض من الآية الكريمة بيان عظم شأن القرآن الكريم ، وإبطال رأى الكافرين الذين طلبوا من الرسول - صلى الله عليه وسلم - آية كونية سواه .
ويصح أن يكون المعنى : ولو أن كتابا مقروءا من الكتب السماوية نزل عليك يا محمد فسيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ، لما آمن هؤلاء المعاندون .
قال - تعالى - : { وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ ليؤمنوا إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله . . . } وعلى هذا المعنى يكون المقصود من الآية الكريمة ، بيان غلوهم في العناد والطغيان ، وتماديهم في الكفر والضلال ، وأن سبب عدم إيمانهم ليس مرده إلى عدم ظهور الدلائل الدالة على صدقه - صلى الله عليه وسلم - وإنما سببه الحسد والعناد والمكابرة .
ووجه تخصيص هذه الأشياء الثلاثة من بين الخوارق التي طلبوها منه - صلى الله عليه وسلم - ما ذكره الإِمام ابن كثير من أن المشركين قالوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - : يا محمد ، لو سيرت لنا جبال مكة حتى تتسع فنحرث فيها ، أو قطعت لنا الأرض كما كان سليمان يقطع لقومه بالريح ، أو أحييت لنا الموتى كما كان عيسى يحيى الموتى لقومه ، فأنزل الله - تعالى - هذه الآية .
وقوله - سبحانه - { بَل للَّهِ الأمر جَمِيعاً } إضراب عن مطالبهم المتعنتة إلى بيان أن الأمور كلها بيد الله ، وأن قدرته - سبحانه - لا يعجزها شئ .
أى : إن الله - تعالى - لا يعجزه أن يأتى بالمقترحات التي اقترحوها ، ولكن إرادته - سبحانه - لم تتعلق بما اقترحوه ، لعلمه - سبحانه - بعتوهم ونفورهم عن الحق مهما أوتوا من آيات .
وقوله - سبحانه - : { أَفَلَمْ يَيْأَسِ الذين آمنوا أَن لَّوْ يَشَآءُ الله لَهَدَى الناس جَمِيعاً } تيئيس للمؤمنين من استجابة أولئك الجاحدين للحق ، إلا أن شاء الله لهم الهداية ، والاستفهام للإِنكار ، وأصل اليأسك قطع الطمع في الشئ والقنوط من حصوله .
وللعلماء في تفسير هذه الجملة الكريمة اتجاهان :
أحدهما يرى أصحابه أن الفعل ييأس على معناه الحقيقى وهو قطع الطمع في الشئ ، وعليه يكون المعنى : أفلم ييأس على معناه الحقيقى وهو قطع في الشئ ، وعليه يكون المعنى : أفلم ييأس الذين آمنوا من إيمان كفار قريش ، ويعلموا أن الله - تعالى - لو يشاء هداية الناس جميعا لاهتدوا ، ولكنه لم يشأ ذلك ، ليتميزا الخبيث من الطيب .
وعلى هذا الاتجاه سار الإِمام ابن كثير فقد قال - رحمه الله - : وقوله - تعالى { أَفَلَمْ يَيْأَسِ الذين آمنوا } أى : من إيمان جميع الخلق ويعلموا أن يتبينوا { أَن لَّوْ يَشَآءُ الله لَهَدَى الناس جَمِيعاً } فإنه ليس هناك حجة ولا معجزة أبلغ ولا أنجع في النفوس والعقول من هذا القرآن ، الذي لو أنزله الله على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله .
وثبت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ما من نبى إلا وقد أوتى ما آمن على مثله البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلى ، فأرجوا أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة " .
ويؤيد هذا الاتجاه ما ذكره السيوطى في تفسيره من أن بعض الصحابة قالوا للرسول - صلى الله عليه وسلم يا رسول الله ، اطلب لهم - أى للمشركين ، ما اقترحوه عسى أن يؤمنوا .
أما الاتجاه فيرى أصحابه أن الفعل ييأس بمعنى يعلم ، وعليه يكون المعنى : أفلم يعلم المؤمنون أنه - سبحانه - لو شاء هداية الناس جميعا لآمنوا .
وهذا الاتجاه صدر به الآلوسى تفسيره فقال ما ملخصه :
ومعنى قوله - سبحانه - : { أَفَلَمْ يَيْأَسِ الذين آمنوا } أفلم يعلموا ، وهى كما قال القاسم بن معن لغة هوازن ، وقال الكلبى هي لغة حى من النخع ، وأنشدوا على ذلك قول سيحم بن وئيل الرباحى :
أقول لهم بالشعب إذ يأسروننى . . . ألم ييأسوا أنى ابن فارس زهدم
ألم ييأس الأقوام أنى أنا ابنه . . . وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا
والظاهر أن استعمال اليأس في ذلك حقيقه .
وقيل مجاز لأنه متضمن للعلم فإن الآيس عن الشئ عالم بأنه لا يكون . .
والفاء للعطف على مقدر . أى : أغفلوا عن كون الأمر جميعه لله - تعالى - فلم يعلموا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا . .
ثم حذر - سبحانه - الكافرين من التمادى في كفرهم ، وبشر المؤمنين بحسن العاقبة فقال - تعالى - : { وَلاَ يَزَالُ الذين كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ حتى يَأْتِيَ وَعْدُ الله إِنَّ الله لاَ يُخْلِفُ الميعاد } .
والقارعة : من القرع ، وهو ضرب الئ بشئ آخر بقوة وجمعها قوارع .
والمراد بها : الرزية والمصيبة والكارثة .
أى : ولا يزال الذين كفروا من أهل مكة وغيرهم تصيبهم بسبب ما صنعوه من الكفر والضلال " قارعة " أى مصيبة تفجؤهم وتزعجهم أو تحل تلك المصيبة في مكان قريب من دارهم ، فيتطاير شرها إليهم ، حتى يأتى وعد الله بهلاكهم وهزيمتهم ونصر المؤمنين عليهم ، إن الله - تعالى - لا يخلف الميعاد ، أى : موعوده لرسله ولعباده المؤمنين .
وأبهم - سبحانه - ما يصيب الكافرين من قوارع ، لتهويله وبيان شدته .
والتعبير بقوله : { ولا يزال } يشير إلى أن ما أصابهم من قوارع كان موجودا قبل نزول هذه الآية ، واستمرت إصابته لهم بعد نزولها ، لأن الفعل { لا يزال } يدل علىا لإخبار باستمرار شئ واقع .
ولعل هذه الآية الكريمة كان نزولها في خلال سنى الجدب التي حلت بقريش والتى أشار إليها القرآن بقوله : { فارتقب يَوْمَ تَأْتِي السمآء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ . يَغْشَى الناس هذا عَذَابٌ أَلِيمٌ . . . } وعبر - سبحانه - عما أصابهم من بلاء بالقارعة ، للمبالغة في شدته وقوته ، حتى إنه ليقرع قلوبهم فجأة فيبتهتهم ويزعجهم ، ولذلك سميت القيامة بالقارعة ، لأنها تقرع القلوب بأهوالها .
وقال - سبحانه - : { أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِّن دَارِهِمْ } لبيان أنهم بين أمرين أحلاهما مُرّ لأن القارعة إما أن تصيبهم بما يكرهونه ويتألمون له ، وإما أن تنزل قريبا منهم فتفزعهم ، وتقلق أمنهم ، وهم مستمرون على ذلك حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا .
ولقد قضى الله - تعالى - أمره ، بهزيمتهم في بدر وفى غيرهم ، وأتم نصره على المؤمنين بفتح مكة . وبدخول الناس في دين الله أفواجا .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَوْ أَنّ قُرْآناً سُيّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرْضُ أَوْ كُلّمَ بِهِ الْمَوْتَىَ بَل للّهِ الأمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الّذِينَ آمَنُوَاْ أَن لّوْ يَشَآءُ اللّهُ لَهَدَى النّاسَ جَمِيعاً وَلاَ يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلّ قَرِيباً مّن دَارِهِمْ حَتّىَ يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إِنّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ } .
اختلف أهل التأويل في معنى ذلك ، فقال بعضهم : معناه : وهم يكفرون بالرحمن وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجبالُ : أي يكفرون بالله ولو سير لهم الجبال بهذا القرآن . وقالوا : هو من المؤخر الذي معناه التقديم . وجعلوا جواب «لو » مقدّما قبلها ، وذلك أن الكلام على معنى قيلهم : ولو أن هذا القرآن سيرت به الجبال أو قُطّعت به الأرض ، لكفروا بالرحمن . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجبالُ أوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرضُ أوْ كُلّمَ بِهِ المَوْتَى قال : هم المشركون من قريش ، قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لو وسعت لنا أودية مكة ، وسيرت جبالها ، فاحترثناها ، وأحييت من مات منا ، أو قطّع به الأرض ، أو كلم به الموتى فقال الله تعالى : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجبالُ أوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرْضُ أوْ كُلّمَ بِهِ المَوْتَى بَلْ لِلّهِ الأمْرُ جَميعا .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : وَلَوْ أنّ قُرْآنا سُيّرَتْ بِهِ الجِبالُ أوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرْضُ أوْ كُلّمَ بِهِ المَوْتَى قول كفار قريش لمحمد : سير جبالنا تتسع لنا أرضنا فإنها ضيقة ، أو قرّب لنا الشأم فإنا نتجر إليها ، أو أخرج لنا آباءنا من القبور نكلمهم فقال الله تعالى : وَلَوْ أنّ قُرْآنا سُيّرَتْ بِهِ الجِبالُ أوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرْضُ أوْ كُلّمَ بِهِ المَوْتَى .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، بنحوه .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحوه .
قال : ابن جريج ، وقال عبد الله بن كثير ، قالوا : لو فسحت عنا الجبال ، أو كلمت به الموتى ، فنزل ذلك . قال ابن جريج ، وقال ابن عباس : قالوا : سير بالقرآن الجبال ، قطع بالقرآن الأرض ، أخرج به موتانا .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن كثير : قالوا : لو فسحت عنا الجبال ، أو أجريت لنا الأنهار ، أو أجريت لنا الأنهار ، أو كلمت به الموتى ، فنزل ذلك . قال ابن جريج ، وقال ابن عباس : قالوا : سير بالقرآن الجبال ، قطع بالقرآن الأرض ، أخرج به موتانا .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن كثير : قالوا : لو فسحت عنا الجبال أو أجريت لنا الأنهار أو كلمت به الموتى فنزل : أفَلَمْ يَيْأسِ الَذِينَ آمَنُوا .
وقال آخرون : بل معناه : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجِبالُ كلام مبتدأ منقطع عن قوله : وَهُمْ يَكْفُرُونَ بالرّحْمَنِ . قال : وجواب «لو » محذوف استغني بمعرفة السامعين المرادَ من الكلام عن ذكر جوابها . قالوا : والعرب تفعل ذلك كثيرا ، ومنه قول امرىء القيس :
فَلَوْ أنّها نَفْسٌ تَمُوتُ سَرِيحَةً *** ولكِنّها نَفْسٌ تَقَطّعُ أنْفُسَا
وهو آخر بيت في القصيدة ، فترك الجواب اكتفاء بمعرفة سامعه مراده ، وكما قال الاَخر :
فَأُقُسِمُ لَوْ شَيْءٌ أتانا رَسُولُهُ *** سِوَاكَ وَلكِنْ لَمْ نَجِدْ لكَ مَدْفَعا
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجِبالُ أوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرْضُ أوْ كُلّمَ بِهِ المَوْتَى ذكر لنا أن قُريشا قالوا : إن سرّك يا محمد اتباعك ، أو أن نتبعك ، فسير لنا جبال تهامة ، أو زد لنا في حرمنا ، حتى نتخذ قطائع نخترف فيها ، أو أَحْي لنا فلانا وفلانا ناسا ماتوا في الجاهلية . فأنزل الله تعالى : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجِبالُ أوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرْضُ أوْ كُلّمَ بِهِ المَوْتَى يقول : لو فعل هذا بقرآن قبل قرآنكم لفعل بقرآنكم .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : أن كفّار قريش قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم : أذهب عنا جبال تهامة حتى نتخذها زرعا فتكون لنا أرضين ، أو أحي لنا فلانا وفلانا يخبروننا حقّ ما تقول فقال الله : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجِبالُ أوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرْضُ أوْ كُلّمَ بِهِ المَوْتَى بَلِ لِلّهِ الأمْرُ جَمِيعا يقول : لو كان فعل ذلك بشيء من الكتب فيما مضى كان ذلك .
حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجبالُ الآية . . . قال : قال كفار قريش لمحمد صلى الله عليه وسلم : سير لنا الجبال كما سُخرت لداود ، أو قطّع لنا الأرض كما قطّعت لسليمان فاغتدى بها شهرا وراح بها شهرا ، أو كلم لنا الموتى كما كان عيسى يكلمهم يقول : لم أُنزل بهذا كتابا ، ولكن كان شيئا أعطيته أنبيائي ورسلي .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجِبالُ . . . الآية . قال : قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم : إن كنت صادقا فسير عنا هذه الجبال واجعلها حروثا كهيئة أرض الشام ومصر والبُلْدان ، أو ابعث موتانا فأخبرهم فإنهم قد ماتوا على الذي نحن عليه فقال الله تعالى : وَلَوْ أنّ قُرآنا سُيّرَتْ بِهِ الجِبالُ أوْ قُطّعَتْ بِهِ الأرْضُ أوْ كُلّمَ بِهِ المَوْتَى : لم يصنع ذلك بقرآن قَطّ ولا كتاب ، فيصنع ذلك بهذا القرآن .
القول في تأويل قوله تعالى : «أفَلَمْ يَيْأَسِ الّذِينَ آمَنُوا أنْ لَوْ يَشاءُ اللّهُ لَهَدَى النّاسَ جَمِيعا » .
اختلف أهل المعرفة بكلام العرب في معنى قوله : أفَلَمْ يَيْأَسِ فكان بعض أهل البصرة يزعم أن معناه : ألم يعلم ويتبيّن ويستشهد لقيله ذلك ببيت سحيم بن وَثِيل الرياحيّ :
أقُولُ لَهُمْ بالشّعْبِ إذْ يأمِرُونَنِي *** ألَمْ تَيْأَسُوا أنّي ابنُ فارِسِ زَهْدِم
ويُروى : «ييسرونني » ، فمن رواه : «ييسرونني » فإنه أراد : يقسمونني من الميسر ، كما يقسم الجَزور . ومن رواه : «يأسرونني » ، فإنه أراد : الأسر . وقال : عنى بقوله : ألم تيأسوا : ألم تعلموا . وأنشدوا أيضا في ذلك :
ألَمْ يَيْأسِ الأقْوَامُ أنّي أنا ابْنُهُ *** وإنْ كُنتُ عَنْ أرْضِ العَشِيرَةِ نائِيا
وفسروا قوله : «ألم ييأس » : ألم يعلم ويتبين . وذُكر عن ابن الكلبيّ أن ذلك لغة لحيّ من النخَع ، يقال لهم : وَهْبيل ، تقول : ألم تيأس ، كذا بمعنى : ألم تعلمه . وذُكر عن القاسم بن معن أنها لغة هوزان ، وأنهم يقولون : يَئِست كذا : علمت .
وأما بعض الكوفيين فكان ينكر ذلك ، ويزعم أنه لم يسمع أحدا من العرب يقول : «يئست » بمعنى : «علمت » ، ويقول هو في المعنى وإن لم يكن مسموعا : «يئست » بمعنى : «علمت » ، يتوجه إلى ذلك أن الله قد أوقع إلى المؤمنين ، أنه لو شاء لهدَى الناس جميعا ، فقال : أفلم ييأسوا علما ، يقول : يؤيسهم العلم ، فكان فيه العلم مضمرا ، كما يقال : قد يئست منك أن لا تفلح علما ، كأنه قيل : علمته علما ، قال : وقول الشاعر :
حتى إذَا يَئِسَ الرّماةُ وأرْسَلُوا *** غُضْفا دَوَاجِنَ قافلاً أَعْصَامها
معناه : حتى إذا يئسوا من كلّ شيء مما يمكن إلا الذي ظهر لهم أرسلوا ، فهو في معنى : حتى إذا علموا أن ليس وجه إلا الذي رأوا وانتهى علمهم ، فكان ما سواه يأسا .
وأما أهل التأويل فإنهم تأوّلوا ذلك بمعنى : أفلم يعلم ويتبين . ذكر من قال ذلك منهم :
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن أبي إسحاق الكوفي ، عن مولى يخبر أن عليّا رضي الله عنه كان يقرأ : «أفلم يَتَبيّن الذين آمَنُوا » .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن هارون ، عن حنظلة ، عن شهر بن حوشب ، عن ابن عباس : أفَلَمْ يَيْأَسِ يقول : أفلم يتبين .
حدثنا أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا يزيد ، عن جرير ، بن حازم ، عن الزبير بن الحارث ، أو يعلى بن حكيم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرؤها : «أفَلَمْ يَتَبَيّنِ الّذِينَ آمَنُوا » قال : كتب الكاتب الأخرى هو ناعس .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، قال في القراءة الأولى : زعم ابن كثير وغيره : «أفلم يتبين » .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : أفَلَمْ يَيْأَسِ الّذِينَ آمَنُوا يقول : ألم يتبين .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ ، عن ابن عباس قوله : أفَلَمْ يَيْأَسِ الّذِينَ آمَنُوا يقول : يعلم .
حدثنا عمران بن موسى ، قال : حدثنا عبد الوارث ، قال : حدثنا ليث ، عن مجاهد ، في قوله : أفَلَمْ يَيْأَسِ الّذِينَ آمَنُوا قال : أفلم يتبين .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : أفَلَمْ يَيْأَسِ الّذِينَ آمَنُوا قال : ألم يتبين الذين آمنوا .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : أفَلَمْ يَيْأَسِ الّذِينَ آمَنُوا قال : ألم يعلم الذين آمنوا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : أفَلَمْ يَيْأَسِ الّذِينَ آمَنُوا قال : ألم يعلم الذين آمنوا .
والصواب من القول في ذلك ما قاله أهل التأويل : إن تأويل ذلك : أفلم يتبين ويعلم لإجماع أهل التأويل على ذلك والأبيات التي أنشدناها فيه .
فتأويل الكلام إذن : ولو أن قرآنا سوى هذا القرآن كان سيرت به الجبال لسير بهذا القرآن ، أو قطّعت به الأرض لقطّعت بهذا ، أو كلّم به الموتى لكلّم بهذا ، ولو يفعل بقرآن قبل هذا القرآن لفُعل بهذا . بَلْ لِلّهِ الأمْرُ جَمِيعا يقول : ذلك كله إليه وبيده ، يهدى من يشاء إلى الإيمان فيوفقه له ويضلّ من يشاء فيخذله ، أفلم يتبين الذين آمنوا بالله ورسوله إذ طمعوا في إجابتي من سأل نبيهم من تسيير الجبال عنهم وتقريب أرض الشام عليهم وإحياء موتاهم ، أن لو يشاء الله لهدَى الناس جميعا إلى الإيمان به من غير إيجاد آية ولا إحداث شيء مما سألوا إحداثه . يقول تعالى ذكره : فما معنى محبتهم ذلك مع علمهم بأن الهداية والإهلاك إليّ وبيدي أنزلت آية أو لم أنزلها أهدي من أشاء بغير إنزال آية ، وأضلّ من أردت مع إنزالها .
القول في تأويل قوله تعالى : «وَلا يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ حتى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ إنّ اللّهَ لا يُخْلِفُ الميعادَ » .
يقول تعالى ذكره : ولا يزال يا محمد الذين كفروا من قومك تُصيبهم بما صنعوا من كفرهم بالله وتكذيبهم إياك وإخراجهم لك من بين أظهرهم قارعة ، وهي ما يقرعهم من البلاء والعذاب والنقم ، بالقتل أحيانا ، وبالحروب أحيانا ، والقحط أحيانا . أو تحلّ أنت يا محمد ، يقول : أو تنزل أنت قريبا من دارهم بجيشك وأصحابك حتى يأتي وعد الله الذي وعدك فيهم ، وذلك ظهورك عليهم وفتحك أرضهم وقهرك إياهم بالسيف . إنّ اللّهَ لا يُخْلِفُ المِيعادَ يقول : إن الله منجزك يا محمد ما وعدك من الظهور عليهم ، لأنه لا يخلف وعده .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا أبو داود ، قال : حدثنا المسعودي ، عن قتادة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، في قوله : وَلا يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ قال : سرية . أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ قال محمد : حتى يأتي وعد الله ، قال : فتح مكة .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن المسعودي ، عن قتادة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس بنحوه ، غير أنه لم يذكر سرية .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا أبو قطن ، قال : حدثنا المسعودي ، عن قتادة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، أنه تلا هذه الآية : وَلا يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ قال : القارعة : السرية . أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ قال : هو محمد صلى الله عليه وسلم . حتى يأتَي وَعْدُ اللّهِ قال : فتح مكة .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو غسان ، قال : حدثنا زهير ، أن خصيفا حدثهم ، عن عكرمة ، في قوله : وَلا يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ قال : نزلت بالمدينة في سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم أو تحلّ أنت يا محمد قريبا من دارهم .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن النضر بن عربي ، عن عكرمة : وَلا يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ قال : سرية . أوْ تَحُلّ قَرِيبا منْ دَارِهِمْ قال : أنت يا محمد .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وَلا يَزَالُ الّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ يقول : عذاب من السماء ينزل عليهم . أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ يعني : نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم وقتاله إياهم .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ : تصاب منهم سرية ، أو تصاب منهم مصيبة ، أو يحلّ محمد قريبا من دارهم . وقوله : حتى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ قال : الفتح .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عبد الله بن أبي نجيح : أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، نحو حديث الحسن ، عن شبابة .
حدثني الحارث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا قيس ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : قال : قارعة ، قال : السرايا .
قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا عبد الغفار ، عن منصور ، عن مجاهد : قارِعَةٌ : مصيبة من محمد . أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ قال : أنت يا محمد . حتى يأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ قال : الفتح .
قال : حدثنا إسرائيل ، عن خصيف ، عن مجاهد : قارِعَةٌ قال : كتيبة .
قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير : تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ قال : سرية . أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ قال : أنت يا محمد .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَلا يَزَالُ الّذِينَ كفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنعُوا قارِعَةٌ : أي بأعمالهم أعمال السوء . وقوله : أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ أنت يا محمد . حتى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ ووعد الله : فتح مكة .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : قارِعَةٌ قال : وقيعة . أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ قال : يعني النبيّ صلى الله عليه وسلم ، يقول : أو تحلّ أنت قريبا من دارهم .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا محمد بن طلحة ، عن طلحة ، عن مجاهد : تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ قال : سرية .
حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن ليث ، عن مجاهد : تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ قال : السرايا : كان يبعثهم النبيّ صلى الله عليه وسلم . أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دارِهِمْ أنت يا محمد . حتى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ قال : فتح مكة .
قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن بعض أصحابه ، عن مجاهد : تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ قال : كتيبة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا يَزالُ الّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قارِعَةٌ قال : قارعة من العذاب .
وقال آخرون : معنى قوله : أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ تحلّ القارعة قريبا من دارهم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : قال الحسن : أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ قال : أو تحلّ القارعة قريبا من دارهم .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : أوْ تَحُلّ قَرِيبا مِنْ دَارِهِمْ قال : أو تحلّ القارعة .
وقال آخرون في قوله : حتى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ قال : يوم القيامة . ذكر من قال ذلك :
حدثني المثنى ، قال : حدثنا معلى بن أسد ، قال : حدثنا إسماعيل بن حكيم ، عن رجل قد سماه عن الحسن ، في قوله : حتى يَأْتِيَ وَعْدُ اللّهِ قال : يوم القيامة .