الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{وَلَوۡ أَنَّ قُرۡءَانٗا سُيِّرَتۡ بِهِ ٱلۡجِبَالُ أَوۡ قُطِّعَتۡ بِهِ ٱلۡأَرۡضُ أَوۡ كُلِّمَ بِهِ ٱلۡمَوۡتَىٰۗ بَل لِّلَّهِ ٱلۡأَمۡرُ جَمِيعًاۗ أَفَلَمۡ يَاْيۡـَٔسِ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن لَّوۡ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعٗاۗ وَلَا يَزَالُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ تُصِيبُهُم بِمَا صَنَعُواْ قَارِعَةٌ أَوۡ تَحُلُّ قَرِيبٗا مِّن دَارِهِمۡ حَتَّىٰ يَأۡتِيَ وَعۡدُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُخۡلِفُ ٱلۡمِيعَادَ} (31)

وقوله سبحانه : { وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الجبال أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الأرض } [ الرعد : 31 ] قال ابن عباس وغيره : إِن الكفَّار قالوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم : أزِحْ عَنَّا وَسَيِّرِ جَبَلِيْ مَكَّةَ ، فَقَدْ ضَيَّقَا عَلَيْنَا ، واجعل لَنَا أَرْضَنَا قِطَعَ غِرَاسَةٍ وَحَرْثٍ ، وَأَحْي لَنَا آبَاءَنَا وَأَجْدَادَنَا ، وَفُلاَناً وفُلاَناً ، فنزلَتِ الآيةُ في ذلك معلمةً أنهم لا يُؤْمِنُونَ ، ولو كان ذلك كله .

وقوله تعالى : { أَفَلَمْ يَيْأَسِ الذين آمنوا } .

الآية : «يَيْئَس » : معناه : يعلم ، وهي لغة هَوَازِنَ ، وقرأ علي بن أبي طالب وابن عباس وجماعة : «أَفَلَمْ يَتَبَيَّن » ، ثم أخبر سبحانه عن كُفَّار قريشٍ والعرب أنهم لا يزالُونَ تصيبُهُم قوارِعُ من سرايا النبيِّ صلى الله عليه وسلم وغزواته ، ثم قال : «أَوْ تُحَلُّ أَنْتَ يَا محمَّد قريباً من دارهم » . [ هذا تأويلُ ابنُ عَبَّاس وغيره ،

وقال الحسنُ بن أبي الحَسَن : المعنى : أو تَحُلُّ القارعةُ قريباً من دارهم ، ] ، و{ وَعْدُ الله } على قول ابن عباس وغيره : هو فَتْحُ مَكَّة ، وقال الحسن : الآيةُ عامَّة في الكُفَّارِ إِلى يوم القيامة ، وإِنَّ حال الكَفَرة هَكَذَا هي إِلى يوم القيامة ، { وَعْدُ الله } : قيامُ الساعة ، وال{ قَارِعَةٌ } : الرزيَّة التي تقرع قلْبَ صاحبها .