قوله تعالى : { قال له موسى هل أتبعك } وأصحبك { على أن تعلمن مما علمت رشداً } ، قرأ أبو عمرو ويعقوب : ( رشداً ) بفتح الراء والشين ، وقرأ الآخرون : بضم الراء وسكون الشين ، أي صواباً . وقيل : علماً ترشدني به . وفي بعض الأخبار أنه لما قال له موسى هذا قال له الخضر : كفى بالتوراة علماً وببني إسرائيل شغلاً ، فقال له موسى : إن الله أمرني بهذا فحينئذ .
أى : قال موسى للخضر - عليهما السلام - بعد أن التقيا { هل أتبعك } أى : هل تأذن لى فى مصاحبتك واتباعك . بشرط أن تعلمنى من العلم الذى علمك الله إياه : شيئا أسترشد به فى حياتى ، وأصيب به الخير فى دينى .
فأنت ترى أن موسى - عليه السلام - قد راعى فى مخاطبته للخضر أسمى ألوان الأدب اللائق بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - حيث خاطبه بصيغة الاستفهام الدالة على التلطف ، وحيث أنزل نفسه منه منزلة المتعلم من المعلم ، وحيث استأذنه فى أن يكون تابعا له ، ليتعلم منه الرشد والخير .
قال بعض العلماء : فى هذه الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم ، وإن تفاوتت المراتب ، ولا يظن أن فى تعلم موسى من الخضر ما يدل على أن الخضر كان أفضل من موسى ، فقد يأخذ الفاضل عن الفاضل ، وقد يأخذ الفاضل عن المفضول ، إذا اختص الله - تعالى - أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر ، فقد كان علم موسى يتعلق بالأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها ، وكان علم الخضر يتعلق ببعض الغيب ومعرفة البواطن . . .
{ قال له موسى هل أتّبعك على أن تُعلّمنِ } على شرط أن تعلمني ، وهو في موضع الحال من الكاف . { مما عُلّمت رُشداً } علما ذا رشد وهو إصابة الخير ، وقرأ البصريان بفتحتين وهما لغتان كالبخل والبخل ، وهو مفعول { تعلمني } ومفعول { علمت } العائد المحذوف وكلاهما منقولان من علم الذي له مفعول واحد ، ويجوز أن يكون رشداً علة لأتبعك أو مصدرا بإضمار فعله ، ولا ينافي نبوته وكونه صاحب شريعة أن يتعلم من غيره ما لم يكن شرطا ي أبواب الدين ، فإن الرسول ينبغي أن يكون أعلم ممن أرسل إليه فيما بعث به من أصول الدين وفروعه لا مطلقا ، وقد راعى في ذلك غاية التواضع والأدب ، فاستجهل نفسه واستأذن أن يكون تابعا له ، وسأل منه أن يرشده وينعم عليه بتعليم بعض ما أنعم الله عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.