فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلۡ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمۡتَ رُشۡدٗا} (66)

{ قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا } في هذا السؤال ملاطفة ومبالغة في الأدب والتواضع لأنه استجهل نفسه واستأذن أن يكون تابعا له على أن يعلمه مما علمه الله من العلم ، والرشد بضم الراء وسكون الشين هو الوقوف على الخير وإصابة الصواب أي علما ذا رشد أرشد به ، وقرئ رشدا بفتحتين وهما لغتان كالبخل والبخل .

وفي الآية دليل على أن المتعلم تبع للعالم وإن تفاوتت المراتب ، وليس في ذلك ما يدل على أن الخضر أفضل من موسى فقد يأخذ الفاضل عن الفاضل ، وقد يأخذ الفاضل عن المفضول إذا اختص أحدهما بعلم لا يعلمه الآخر ، فقد كان علم موسى علم الأحكام الشرعية والقضاء بظاهرها ، وكان علم الخضر علم بعض الغيب ومعرفة البواطن وقد زل أقدام أقوام من الضلال في هذا المقام في تفضيل الولي على النبي حيث قالوا ؛ أمر موسى بالتعلم من الخضر وهو ولي وهو كفر جلي والجواب ما ذكرناه .