أما شبهتهم الثانية التى أثاروها لصرف الناس عن الحق . فقد حكاها القرآن فى قوله عنهم : { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ . . . } . أى : أيعدكم هذا الذى يدعى النبوة - وهو بشر مثلكم - أنكم إذا فارقتم هذه الحياة وصرتم أمواتاً ، وصارت بعض أجزاء أجسامكم تراباً وبعضها عظاماً نخرة ، أنكم مخرجون من قبوركم إلى الحياة مرة أخرى للحساب والجزاء ؟
والاستفهام فى قوله { أَيَعِدُكُمْ } للإنكار والتحذير من اتباع هذا النبى ، والجملة مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها من الصد عن الاستماع إلى ما جاءهم به نبيهم ، لأنه - فى زعمهم - يؤدى إلى الخسران .
وكرر - سبحانه - لفظ { أَنَّكُمْ } لبيان حرصهم على تأكيد أقوالهم الباطلة فى نفوس الناس ، حتى يفروا من وجه نبيهم .
يخبر تعالى أنه أنشأ بعد قوم نوح قرنًا آخرين{[20541]} - قيل : المراد بهم عاد ، فإنهم كانوا مستخلفين بعدهم . وقيل : المراد بهؤلاء ثمود ؛ لقوله : { فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ } - وأنه تعالى أرسل فيهم رسولا منهم ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له . فكذبوه وخالفوه ، وأبوا من اتباعه لكونه بشرًا مثلهم ، واستنكفوا عن اتباع رسول بشري ، فكذبوا بلقاء الله في القيامة ، وأنكروا المعاد الجثماني ، وقالوا { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ .
الاستفهام في قوله { أيعدكم } للتعجب ، وهو انتقال من تكذيبه في دعوى الرسالة إلى تكذيبه في المرسل به .
وقوله { أنكم إذا متم } إلى آخره مفعول { يَعِدكم } أي يعدكم إخراجَ مُخرج إياكم . والمعنى : يعدكم إخراجكم من القبور بعد موتكم وفناء أجسامكم .
وأما قوله : { أنكم مخرجون } فيجوز أن يكون إعادة لكلمة ( أنكم ) الأولى اقتضى إعادتها بُعْد ما بينها وبين خبرها . وتفيد إعادتها تأكيداً للمستفهم عنه استفهام استبعاد تأكيداً لاستبعاده . وهذا تأويل الجرمي والمبرد .
ويجوز أن يكون { أنكم مخرجون } مبتدأ . ويكون قوله : { إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً } خبراً عنه مقدماً عليه وتكون جملة { إذا متم } إلى قوله { مخرجون } خبراً عن ( أنّ ) من قوله { أنكم } الأولى .
وجعلوا موجب الاستبعاد هو حصول أحوال تنافي أنهم مبعوثون بحسب قصور عقولهم ، وهي حال الموت المنافي للحياة ، وحال الكون تراباً وعظاماً المنافي لإقامة الهيكل الإنساني بعد ذلك .
وأريد بالإخراج إخراجهم أحياء بهيكل إنساني كامل ، أي مخرجون للقيامة بقرينة السياق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.