اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَيَعِدُكُمۡ أَنَّكُمۡ إِذَا مِتُّمۡ وَكُنتُمۡ تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَنَّكُم مُّخۡرَجُونَ} (35)

قوله : أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ الآية . في إعرابها ستة أوجه :

أحدها : أنّ اسم أنّ الأولى مضاف لضمير الخطاب ، حذف وأقيم المضاف إليه مقامه ، والخبر قوله : «إِذَا متُّم » ، و«أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ » تكرير ، لأنَّ الأولى للتأكيد ، والدلالة على المحذوف والمعنى : أنَّ إخراجكم إذا متم وكنتم {[32680]} .

الثاني : أنَّ خبر ( أنَّ ) الأولى هو «مُخْرَجُونَ » ، وهو العامل في «إِذَا » وكررت الثانية توكيداً لمَّا طال الفصل{[32681]} وإليه ذهب الجرمي{[32682]} والمبرد{[32683]} والفراء{[32684]} ، ويدل على كون الثانية توكيداً قراءة عبد الله : { أَيَعِدُكُمْ إِذَا متُّمْ وكُنْتُمْ تُراباً وعِظَاماً أَنَّكُم مُخْرَجُونَ }{[32685]} .

الثالث : أنّ «أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ » مؤول بمصدر مرفوع بفعل محذوف ذلك الفعل المحذوف جواب{[32686]} ( إذا ) الشرطية ، و ( إذا ) الشرطية وجوابها المقدر خبر ل ( أنَّكُم ) الأولى تقديره : يحدث أنكم مخرجون{[32687]} .

الرابع : كالثالث في كونه مرفوعاً بفعل مقدر إلا أنَّ هذا الفعل المقدر{[32688]} خبر ل ( أَنَّ ) الأولى وهو العامل في ( إذا ){[32689]} .

الخامس : أنّ خبر الأولى محذوف لدلالة خبر الثانية عليه ، فتقديره{[32690]} : أنكم تبعثون ، وهو العامل في الظرف ، و ( أنَّ ) الثانية وما في حيزها بدل من الأولى ، وهذا مذهب سيبويه{[32691]} .

السادس : أن يكون «أَنَّكُمْ{[32692]} مُخْرَجُونَ » مبتدأ وخبره الظرف مقدماً عليه ، والجملة خبر عن ( أَنَّكُمْ ) الأولى ، والتقدير : أيعدكم أنكم إخراجكم كائن أو مستقر وقت موتكم{[32693]} . ولا يجوز أن يكون العامل في «إذَا » «مُخْرَجُونَ » على كل قول لأن ما في حيز ( أنَّ ) لا يعمل فيما قبلها ولا يعمل فيها «متم » ، لأنه مضاف إليه ، و«أَنَّكُمْ »{[32694]} وما في حيزه في محل نصب أو جر بعد حذف الحرف إذ الأصل : أيعدكم بأنكم ويجوز أن لا يقدر حرف جر ، فيكون في محل نصب فقط نحو : وعدت زيداً خيراً .


[32680]:انظر التبيان 2/953.
[32681]:انظر الكشاف 3/47، البيان 2/184، التبيان 2/954.
[32682]:انظر مشكل إعراب القرآن 2/108، البحر المحيط 6/404.
[32683]:انظر المقتضب 2/354.
[32684]:قال الفراء: (وقوله: أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون، أعيدت "أنكم" مرتين ومعناهما واحد؛ إلا أن ذلك حسن لما فرقت بين "أنكم" وبين خبرها بـ "إذا". معاني القرآن 2/234.
[32685]:كذا في معاني القرآن للفراء 2/234، تفسير ابن عطية 10/354، البحر المحيط 6/404، وفي النسختين: وكنتم ترابا وعظاما مخرجون.
[32686]:في ب: هو جواب.
[32687]:انظر الكشاف 3/47، التبيان 2/953 – 954، البحر المحيط 6/404.
[32688]:المقدر: سقط من ب.
[32689]:انظر البحر المحيط 6/404.
[32690]:في ب: تقديره.
[32691]:قال سيبويه: (ومما جاء مبدلا من هذا الباب: "أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون" فكأنه على: أيعدكم أنكم مخرجون إذا متم، وذلك أريد بها ولكنه إنما قدمت أن الأولى ليعلم بعد أي شيء الإخراج) الكتاب 3/132 – 133 وانظر أيضا مشكل إعراب القرآن 2/107، التبيان 2/954، البحر المحيط 6/404.
[32692]:أنكم: سقط من الأصل.
[32693]:انظر الكشاف 3/47.
[32694]:انظر مشكل إعراب القرآن 2/108، البيان 2/183، التبيان 2/904.