الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{أَيَعِدُكُمۡ أَنَّكُمۡ إِذَا مِتُّمۡ وَكُنتُمۡ تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَنَّكُم مُّخۡرَجُونَ} (35)

قوله : { أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ } : الآيةُ في إعرابها ستةُ أوجهٍ ، أحدُها : أنَّ اسم " أنَّ " الأولى مضافٌ لضميرِ الخطاب حُذِفَ وأقيم المضافُ إليه مُقامَه ، والخبرُ قولُه : { إِذَا مِتٌّمْ } و { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } تكريرٌ ل " أنَّ " الأولى للتأكيدِ والدلالةِ على المحذوفِ والمعنى : أنَّ إخراجَكم إذا مِتُّمْ وكُنْتُم .

الثاني : أنَّ خبرَ " أنَّ " الأولى هو " مُخْرَجُون " ، وهو العامل في " إذا " ، وكُرِّرَتْ الثانيةُ توكيداً لَمَّا طال الفصلُ . وإليه ذهبَ الجرميُّ والمبردُّ والفراءُ .

الثالث : أنَّ { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } مُؤَولٌ بمصدرٍ مرفوع بفعلٍ محذوفٍ ، ذلك الفعلُ المحذوفُ هو جوابُ " إذا " الشرطيةِ ، وإذا الشرطيةُ وجوابُها المقدَّرُ خبرٌ ل " أنَّكم " الأولى ، تقديرُه : يَحْدُث أنكم مُخْرَجون .

الرابع : كالثالثِ في كونِه مرفوعاً بفعلٍ مقدرٍ ، إلاَّ أنَّ هذا الفعلَ المقدَّرَ خبرٌ ل " أنَّ " الأولى ، وهو العاملُ في " إذا " .

الخامس : أنَّ خبر الأولى محذوفٌ لدلالةِ خبرِ الثانيةِ عليه ، تقديرُه : أنكم تُبْعَثُون ، وهو العاملُ في الظرف ، وأنَّ الثانية وما في حَيِّزِها بدلٌ من الأولى ، وهذا مذهبُ سيبويه .

السادس : أنَّ { أَنَّكُمْ مُّخْرَجُونَ } مبتدأٌ ، وخبرُه الظرفُ مقدَّماً عليه ، والجملةُ خبرٌ عن " أنكم " الأولى ، والتقديرُ : أيَعِدُكم أنَّكم إخراجُكم كائنٌ أو مستقرٌ وقتَ موتِكم . ولا يجوزُ أَنْ يكونَ العاملُ في " إذا " " مُخْرَجُون " على كلِّ قولٍ ؛ لأنَّ ما في حيِّز " أنَّ " لا يعمل فيما قبلها ، ولا يعمل فيها " مِتُّم " لأنه مضافٌ إليه ، و " أنَّكم " وما في حَيِّزه في محلِّ نصبٍ أو جرّ بعد حَذْفِ الحرفِ ، إذ الأصلُ : أيَعِدُكم بأنَّكم . ويجوزُ أَنْ لا يُقَدَّرَ حرفُ جرّ ، فيكونُ في محلِّ نصبٍ فقط نحو : وَعَدْتُ زيداً خيراً .