البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{أَيَعِدُكُمۡ أَنَّكُمۡ إِذَا مِتُّمۡ وَكُنتُمۡ تُرَابٗا وَعِظَٰمًا أَنَّكُم مُّخۡرَجُونَ} (35)

واختلف المعربون في تخريج { أنكم } الثانية ، والمنقول عن سيبويه أن { أنكم } بدل من الأولى وفيها معنى التأكيد ، وخبر { إنكم } الأولى محذوف لدلالة خبر الثانية عليه تقديره { إنكم } تبعثون { إذا متم } وهذا الخبر المحذوف هو العامل في { أذلة } وذهب الفراء والجرمي والمبرد إلى أن { أنكم } الثانية كررت للتأكيد لما طال الكلام حسن التكرار ، وعلى هذا يكون { مخرجون } خبر { أنكم } الأولى ، والعامل في { إذا } هو هذا الخبر ، وكان المبرد يأبى البدل لكونه من غير مستقبل إذ لم يذكر خبر أن الأولى .

وذهب الأخفش إلى أن { أنكم مخرجون } مقدر بمصدر مرفوع بفعل محذوف تقديره : يحدث إخراجكم فعلى هذا التقدير يجوز أن تكون الجملة الشرطية خبراً لأنكم ، ويكون جواب { إذا } ذلك الفعل المحذوف ، ويجوز أن يكون ذلك الفعل المحذوف هو خبر { إنكم } ويكون عاملاً في { إذا } .

وذكر الزمخشري قول المبرد بادئاً به فقال : ثنى { إنكم } للتوكيد ، وحسن ذلك الفصل ما بين الأول والثاني بالظرف و { مخرجون } خبر عن الأول وهذا قول المبرد .

قال الزمخشري : أو جعل { إنكم مخرجون } مبتدأ و { إذا متم } خبراً على معنى إخراجكم إذا متم ، ثم أخبر بالجملة عن { أنكم } انتهى .

وهذا تخريج سهل لا تكلف فيه .

قال : أو رفع { إنكم مخرجون } بفعل هو جزاء الشرط كأنه قيل { إذا متم } وقع إخراجكم انتهى .

وهذا قول الأخفش إلا أنه حتم أن تكون الجملة الشرطية خبراً عن { أنكم } ونحن جوزنا في قول الأخفش هذا الوجه ، وأن يكون خبر { إنكم } ذلك الفعل المحذوف وهو العامل في { إذا } وفي قراءة عبد الله { أيعدكم } { إذا متم } بإسقاط { إنكم } الأولى .