المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

37- قال صاحبه المؤمن مجيباً له : أتسوغ لنفسك أن تكفر بربك الذي خلق أصلك آدم من تراب ، ثم من نطفة مائية ، ثم صوّرك رجلا كاملا ، فإن اعتززت بمالك وعشيرتك ، فاذكر ربك وأصلك الذي هو من الطين .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

قوله تعالى : { قال له صاحبه } المسلم { وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب } أي : خلق أصلك من تراب ، { ثم } خلقك { من نطفة ثم سواك رجلاً } أي : عدلك بشراً سوياً ذكراً .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما قاله الرجل المؤمن لصاحب الجنتين ، الذى نطق بأفحش ، وأفجر الفجور ، فقال - تعالى - : { قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً . . . } . أى : قال الرجل الفقير المؤمن ، فى رده على صاحبه الجاحد المغرور ، منكرا عليه كفره قال له على سبيل المحاورة والمجاوبة : يا هذا { أكفرت } بالله الذى { خلقك } بقدرته { من تراب } . أى : خلق أباك الأول من تراب ، كما قال : سبحانه { إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } أى : خلق أباك آدم من تراب ، ثم أوجدك أنت من نطفة عن طريق التناسل والمباشرة بين الذكر والأنثى .

{ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً } أى : ثم صيرك إنسانا كاملا ، ذا صورة جميلة ، وهيئة حسنة . كما قال - سبحانه - : { لَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان في أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } والاستفهام فى قوله : { أكفرت . . } للإِنكار والاستبعاد ، لأن خلق الله - تعالى - له من تراب ثم نطفة ، ثم تسويته إياه رجلا ، يقتضى منه الإِيمان بهذا الخالق العظيم ، وإخلاص العبادة له ، وشكره على نعمائه .

قالوا : ولا يستلزم قول صاحب الجنتين قبل ذلك : { وَلَئِن رُّدِدتُّ إلى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } أنه كان مؤمنا ، لأنه قال ذلك على سبيل الفرض والتقدير ، لا على سبيل الاعتقاد واليقين ، بدليل تردده فى إمكان قيام الساعة ، ولأن اعترافه بوجود الله - تعالى - لا يستلزم الإِيمان الحق ، فالكفار كانوا يعترفون بأن الله - تعالى - هو الخالق للسموات والأرض ، ومع هذا يشركون معه فى العبادة آلهة أخرى .

وجاء التعبير بحرف " ثم " فى الآية ، للاشارة إلى أطوار خلق الإِنسان التى فصلها - سبحانه - فى آيات أخرى ، منها قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

يقول تعالى مخبرًا عما أجابه صاحبه المؤمن ، واعظًا له وزاجرًا عما هو فيه من الكفر بالله والاغترار : { أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلا } ؟ وهذا إنكار وتعظيم لما وقع فيه من جحود ربه ، الذي خلقه وابتدأ خلق الإنسان من طين وهو آدم ، ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين ، كما قال تعالى : { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } [ البقرة : 280 ] أي : كيف تجحَدُون ربكم ، ودلالته عليكم ظاهرة جلية ، كل أحد يعلمها من نفسه ، فإنه ما من أحد من المخلوقات إلا ويعلم أنه كان معدومًا ثم وجد ، وليس وجوده من نفسه ولا مستندًا إلى شيء من المخلوقات ؛ لأنه بمثابته فعلم إسناد{[18181]} إيجاده إلى خالقه ، وهو الله ، لا إله إلا هو ، خالق كل شيء ؛

37


[18181]:في ف: "استناد".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

وقوله { قال له صاحبه } حكاية أن المؤمن من الرجلين لما سمع كلام الكافر وقفه على جهة التوبيخ على كفر بالله تعالى ، وقرأ أبي بن كعب : «وهو يخاصمه » ، وقرأ ثابت البناني ، «ويلك أكفرت » ، ثم جعل يعظم الله تعالى عنده بأوصاف تضمنت النعم والدلائل على جواز البعث من القبور ، وقوله { من تراب } إشارة إلى آدم عليه السلام ، وقوله { سواك رجلاً } كما تقول سواك شخصاً أو حياً ، أو نحو هذا من التأكيدات ، وقد يحتمل أن قصد تخصيص الرجولة ، على وجه تعديد النعمة ، في أن لم يكن أنثى ولا خنثى ، وذكر الطبري نحو هذا .