الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

قوله : { مِن نُّطْفَةٍ } : النُّطْفَةُ في الأصل : القطرةُ من الماء الصافي يقال : نَطَف يَنْطِف ، أي : قَطَر يَقْطُر . وفي الحديث : " فخرجَ ورأسُه يَنْطِفُ " وفي رواية : يَقْطُر ، وهي مفسِّرةٌ ، وأُطْلِق على المَنِّيِّ " نُطْفَةٌ " تشبيهاً بذلك .

قوله : " رَجُلاً " فيه وجهان ، أحدهما : أنه حال ، وجاز ذلك وإنْ [ كان ] غير منتقلٍ ولا مشتقٍ لأنه جاء بعد " سَوَّاك " إذ كان مِنَ الجائز أَنْ يُسَوِّيَه غيرَ رجلٍ وهو كقولِهم : " خَلَقَ اللهُ الزَّرافةَ يَدَيْها أطولَ من رجليها " وقول الآخر :

فجائت به سَبْطَ العظام كأنما *** عِمامتُه بين الرِّجالِ لواءُ

والثاني : أنه مفعولٌ ثانٍ ل " سَوَّاك " لتضمُّنِه معنى صَيَّرك وجعلك ، وهو ظاهرُ قول الحوفي .