فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

{ قال له } أي للكافر { صاحبه } المؤمن وقد تعقبه في الثلاثة على سبيل اللف والنشر المشوش { وهو يحاوره } أي حال محاورته له منكرا عليه ما قاله { أكفرت } بقولك { ما أظن الساعة قائمة } استفهام توبيخ وتقريع أي لا ينبغي ولا يليق منك الكفر { بالذي خلقك } أي جعل أصل خلقك { من تراب } حيث خلق أباك آدم منه وهو أصلك وأصل مادة البشر ، فلكل فرد حظ من ذلك ، وقيل يحتمل أنه كان كافرا بالله فأنكر عليه ما هو عليه من الكفر ولم يقصد أن الكفر حدث له بسبب هذه المقالة .

{ ثم من نطفة } وهي المادة القريبة { ثم سواك رجلا } أي صيرك وجعلك إنسانا ذكرا بالغا مبلغ الرجال ، وعدل أعضاءك وكلمك ، وهو ظاهر كلام الحوفي ، وقيل إنه حال ، ومن الجائز أن يسويه غير رجل ، وهو كقولهم : خلق الله الزرافة يديها أطول من رجليها ، والأول أولى ، وإنما جعل كفره بالبعث كفرا بالله ، لأن منشأه الشك في كمال قدرة الله ، فلذلك رتب الإنكار على خلقه إياه من التراب ، وفي هذا تلويح بالدليل على البعث ، وأن القادر على الابتداء قادر على الإعادة .