مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

ثم ذكر تعالى جواب المؤمن فقال جل جلاله : { قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا } وفيه بحثان :

البحث الأول : أن الإنسان الأول قال : { وما أظن الساعة قائمة } وهذا الثاني كفره حيث قال : { أكفرت بالذي خلقك من تراب } وهذا يدل على أن الشاك في حصول البعث كافر .

البحث الثاني : هذا الاستدلال يحتمل وجهين : الأول : يرجع إلى الطريقة المذكورة في القرآن وهو أنه تعالى لما قدر على الابتداء وجب أن يقدر على الإعادة فقوله : { خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا } إشارة إلى خلق الإنسان في الابتداء . الوجه الثاني : أنه لما خلقك هكذا فلم يخلقك عبثا ، وإنما خلقك للعبودية وإذا خلقك لهذا المعنى وجب أن يحصل للمطيع ثواب وللمذنب عقاب وتقريره ما ذكرناه في سورة يس ، ويدل على هذا الوجه قوله : { ثم سواك رجلا } أي هيأك هيئة تعقل وتصلح للتكليف فهل يجوز في العقل مع هذه الحالة إهماله أمرك