غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

27

قوله : { أكفرت } زعم الجمهور أن أخاه إنما حكم بكفره لأنه أنكر البعث . وأقول : يحتمل أن يكون كافراً بالله أيضاً بل مشركاً لقوله بعد ذلك : { يا ليتني لم أشرك بربي أحداً } ولقول أخيه معرضاً به { لكنا هو الله ربي } وليس في قوله : { ولئن رددت إلى ربي } دلالة على أنه كان عارفاً بربه لاحتمال أن يكون قد قال ذلك بزعم صاحبه كما أشرنا إليه . وقوله : { خلقك من تراب } أي خلق أصلك وهو إشارة إلى مادته البعيدة . وقوله : { من نطفة } إشارة إلى مادته القريبة . ومعنى { سوّاك رجلاً } عدلك وكلك حال كونك إنساناً ذكراً بالغاً مبلغ الرجال المكلفين ويجوز أن يكون { رجلاً } تمييزاً . ولعل السر في تخصيص الله سبحانه في هذا المقام بهذا الوصف هو أن يكون دليلاً على وجود الصانع أولاً ، لأن الاستدلال على هذا المطلوب بخلق الإنسان أقرب الاستدلالات ، وفيه أيضاً إشارة إلى إمكان البعث لأن الذي قدر على الإبداء أقدر على الإعادة ، وفيه أنه خلقه فقيراً لا غنياً علم منه أنه خلقه للعبودية والإقرار لا للفخر والإنكار ، ثم استدرك لقوله { أكفرت } كأنه قال لأخيه : أنت كافر بالله لكني مؤمن موحد .

/خ46