تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قَالَ لَهُۥ صَاحِبُهُۥ وَهُوَ يُحَاوِرُهُۥٓ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلٗا} (37)

الآية37 : وقوله تعالى : { قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا } أي صححك وقومك رجلا .

جائز أن تكون مُحَاجَّتُهُ إياهُ في هذه لإنكاره البعث ؛ أي أكفرت ، وأنكرت قدرة الله على البعث والإعادة ، وهو خلق أصلك من تراب ، وخلق نفسك من نطفة ؟ فأنت إذا مِتَّ ، وهلكت ، تصير ترابا أو ماء . فإذا قدر على خلق أصلك من تراب وخلق نفسك من ماء ( فهو قادر ){[11586]} على إعادتك وبعثك بعد ما صرت ترابا أو ماء .

أو تكون محاجته في إنكار حكمة الله ، فيقول : خَلَقَ أصْلَكَ من تراب ، وخلق نفسك من نطفة ، ثم سواك ، وصَحَّحَكَ . فإذا لم يبعثك ، ويُعِدْكَ{[11587]} ، كان ( خَلْقُ أَصْلِِِكَ وخَلْقُكَ ){[11588]} بما ذكرنا عبثا غير حكمة ؛ إذ مَنْ بَنَى بناءا ثم نقضه على غير الانتفاع به كان في بنائه في الابتداء عابثا تائها سفيها غير حكيم . فعلى ذلك خلقك وخلق أصلك من غير إعادة من بعد ( موتك يكون سفها ){[11589]} على غير حكمة . وهو ما قال : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا } الآية ( المؤمنون : 115 ) صَيَّرَ خلقهم على غير رجوع إليه عبثا .

أو تكون محاجته في تسفيهه إياه في عبادته غير الله ، يقول : أكفرت نعم{[11590]} الذي خلق أصلك من تراب ، وخلق نفسك من نطفة ثم سواك صحيحا ، فصرفت نعمة إلى غيره وعبدت غيره .

على هذه الوجوه الثلاثة تحتمل{[11591]} مُحَاجَّتُه إياه ؛ إما في إنكار قدرته على{[11592]} بعثه و إعادته و ( إما في إنكاره الحكمة في البعث وإما في ){[11593]} إنكاره نعمه وصرفه الشكر إلى غيره ، والله أعلم .


[11586]:في الأصل و.م: لقادر.
[11587]:أدرج بعدها في الأصل و.م: و.
[11588]:في م:خلقك وخلق أصلك.
[11589]:في الأصل و.م: يكون سفيها.
[11590]:في الأصل و:نعمه.
[11591]:في الأصل و م: وتحتمل.
[11592]:في الأصل و م: في.
[11593]:من م، في الأصل:أو.