وبعد أن قرر - سبحانه - أن الملك فى هذا اليوم له وحده . أتبع ذلك ببيان ما يحدث فى هذا اليوم فقال : { اليوم تجزى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ . . . } .
أى : فى هذا اليوم الهائل الشديد تجازى كل نفس من النفوس المؤمنة والكافرة ، والبارة والفاجرة . بما كسبت فى دنياها من خير أو شر ، ومن طاعة أو معصية .
{ لاَ ظُلْمَ اليوم } ولا جور ولا محاباة ولا وساطات . . وإنما تعطى كل نفس ما تستحقه من ثواب أو عقاب .
{ إِنَّ الله سَرِيعُ الحساب } لأنه - سبحانه - لا يحتاج إلى تفكير عند محاسبته لخلقه ، بل هو - سبحانه - قد أحاط بكل شئ علما ، كما قال - تعالى - : { عَالِمِ الغيب لاَ يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السماوات وَلاَ فِي الأرض وَلاَ أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلاَ أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }
وقوله : { الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } يخبر تعالى عن عدله في حكمه بين خلقه ، أنه لا يظلم مثقال ذرة من خير ولا من شر ، بل يجزي بالحسنة عشر أمثالها ، وبالسيئة واحدة ؛ ولهذا قال : { لا ظُلْمَ الْيَوْمَ } كما ثبت في صحيح مسلم{[25475]} ، عن أبي ذر ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما يحكي عن ربه عز وجل - أنه قال : " يا عبادي ، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا - إلى أن قال - : يا عبادي ، إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم {[25476]} ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه " {[25477]} .
وقوله : { إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } أي : يحاسب الخلائق كلهم ، كما يحاسب نفسًا واحدة ، كما قال : { مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [ لقمان : 28 ] ، وقال [ تعالى ] {[25478]} : { وَمَا أَمْرُنَا إِلا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ } [ القمر : 50 ] .
ثم يعلم تعالى أهل الموقف بأنه يوم المجازاة بالأعمال صالحها وسيئها ، وهذه الآية نص في أن الثواب والعقاب معلق باكتساب العبيد ، وأنه يوم لا يوضع فيه أمر غير موضعه ، وذلك قوله : { لا ظلم اليوم } . ثم أخبرهم عن نفسه بسرعة الحساب ، وتلك عبارة عن إحاطته بالأشياء علماً ، فهو يحاسب الخلائق في ساعة واحدة كما يرزقهم ، لأنه لا يحتاج إلى عد وفكرة ، لا رب غيره ، وروي أن يوم القيامة لا ينتصف حتى يقيل المؤمنون في الجنة والكافرون في النار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.