ثم يتجه القرآن إلى الغافلين ، ليوقظ فيهم مشاعر الخوف من بأس الله وعقابه فيقول : { أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ } .
البيات : قصد العدو ليلا . يقال : بيت القوم بياتا ، إذا أوقعوا به ليلا ، وهو حال بمعنى بائتين .
والاستفهام للانكار والتعجيب من أمر ليس من شأنه أن يقع من العاقل ، والمراد بأهل القرى : أهل مكة وغيرهم من القرى التي بعث إليها الرسول صلى الله عليه وسلم .
وقيل المراد بهم الأمة المحمدية من عصر النور الأعظم إلى يوم القيامة لتعتبر بما أنزل بغيرها كما يرشد إليه قوله - تعالى - بعد ذلك : { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأرض مِن بَعْدِ أَهْلِهَآ } .
وقيل المراد بهم من ذكر حالهم فيما تقدم من القرى المهلكة بسبب ذنوبها .
قال الجمل : والفاء للعطف على { فَأَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً } وما بينهما وهو قوله : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى } إلى هنا اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه جىء به للمسارعة إلى بيان أن الأخذ المذكور إنما هو بما كسبت أيديهم . والمعنى : أبعد ذلك الأخذ أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ؟
فالآية الكريمة تحذر الناس من الغفلة عن طاعة الله ، وتحثهم على التيقظ والاعتبار
يقول تعالى ذكره : أفأمن يا محمد هؤلاء الذين يكذّبون الله ورسوله ويجحدون آياته ، استدراج الله إياهم بما أنعم به عليهم في دنياهم من صحة الأبدان ورخاء العيش ، كما استدرج الذين قصّ عليهم قصصهم من الأمم قبلهم ، فإن مكر الله لا يأمنه ، يقول : لا يأمن ذلك أن يكون استدراجا مع مقامهم على كفرهم وإصرارهم على معصيتهم إلاّ القوم الخاسرون وهم الهالكون .
{ أفأمن أهل القرى } عطف على قوله : { فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون } وما بينهما اعتراض والمعنى : أبعد ذلك أمن أهل القرى . { أن يأتيهم بأسنا بياتا } تبييتا أو وقت بيات أو مبيتا أو مبيتين ، وهو في الأصل مصدر بمعنى البيتوتة ويجيء بمعنى التبييت كالسلام بمعنى التسليم . { وهم نائمون } حال من ضميرهم البارز أو المستتر في بياتا .
( والفاء ) في قوله : { أفأمن أهل القرى } عاطفة أفادت الترتب الذكري ، فإنه لما ذكر من أحوال جميعهم ما هو مثار التعجيب من حالهم أعقبه بما يدل عليه معطوفاً بفاء الترتب . ومحل التعجيب هو تواطؤهم على هذا الغرور ، أي يترتب على حكاية تكذيبهم وأخذِهم استفهامُ التعجيب من غرورهم وأمنهم غضب القادر العليم .
وقد تقدم الكلام على مثل هذا التركيب عند قوله تعالى : { أفكلما جاءكم رسول } في سورة البقرة ( 87 ) .
وجيء بقوله : { يأتيهم } بصيغة المضارع لأن المراد حكاية أمنهم الذي مضى من إتيان بأس الله في مستقبل ذلك الوقت .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.