إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَفَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰٓ أَن يَأۡتِيَهُم بَأۡسُنَا بَيَٰتٗا وَهُمۡ نَآئِمُونَ} (97)

{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى } أي أهلُ القرى المذكورةِ ، على وضع المُظهرِ موضِعَ المُضمر للإيذان بأن مدارَ التوبيخِ أمْنُ كلِّ طائفةٍ ما أتاهم من البأس لا أمنُ مجموعِ الأمم ، فإن كلَّ طائفةٍ منهم أصابهم بأسٌ خاصٌّ بهم لا يتعداهم إلى غيرهم كما سيأتي ، والهمزةُ لإنكار الواقعِ واستقباحِه لا لإنكار الوقوعِ ونفيِه كما قاله أبو شامةَ وغيرُه لقوله تعالى : { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ القوم الخاسرون } [ الأعراف ، الآية 99 ] والفاءُ للعطف على أخذناهم وما بينهما اعتراضٌ توسّط بينهما للمسارعة إلى بيان أن الأخذَ المذكورَ مما كسبتْه أيديهم والمعنى أبعدَ ذلك الأخذِ أمِنَ أهلُ القرى { أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بياتا } أي تبييتاً أو وقتَ بياتٍ أي مَبيتاً أو مبيتين وهو في الأصل مصدرٌ بمعنى البيتوتة ويجيء بمعنى التبييتِ كالسلام بمعنى التسليم { وَهُمْ نَائِمُونَ } حالٌ من ضميرهم البارزِ أو المستترِ في بياتاً .