روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{أَفَأَمِنَ أَهۡلُ ٱلۡقُرَىٰٓ أَن يَأۡتِيَهُم بَأۡسُنَا بَيَٰتٗا وَهُمۡ نَآئِمُونَ} (97)

{ أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى } الهمزة لانكار الواقع واستقباحه ، وقيل : لانكار الوقوع ونفيه ، وتعقب بأن { فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله } [ الأعراف : 99 ] الخ يأباه ، والفاء للتعقيب مع السبب ، والمراد بأهل القرى قيل : أهل القرى المذكورة على وضع المظهر موضع المضمر للإيذان بأن مدار التوبيخ أمن كل طائفة ما أتاهم من البأس لا أمن مجموع الأمم ، وقيل : المراد بهم أهل مكة وما حواليها ممن بعث إليه نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الأولى عندي وإلى ذلك ذهب محيي السنة ، والعطف على القولين على { فأخذناهم بَغْتَةً } [ الأعراف : 95 ] لا على محذوف ويقدر بما يناسب المقام كما وقع نحو ذلك في القرآن كثيراً ، وأمر صدارة الاستفهام سهل ، وقوله سبحانه : { وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ القرى ءامَنُواْ } [ الأعراف : 96 ] الخ اعتراض توسط بينهما للمسارعة إلى بيان أن الأخذ المذكور مما كسبته أيديهم نظراً للأول ولأنه يؤيد ما ذكر من أن الأخذ بغتة ترتب على الإيمان والتقوى ، ولو عكس لانعكس الأمر نظراً للثاني ، ولو جعلت اللام فيما تقدم للجنس أكد هذا الاعتراض المعطوف والمعطوف عليها وشملهما شمولاً سواء على ما في الكشف ولم يجعل العطف على { فإخذناهم } [ الأعراف : 96 ] الأقرب لأنه لم يسق لبيان القرى وقصة هلاكها قصداً كالذي قبله فكان العطف عليه دونه أنسب وهذا إذا أريد بالقرى القرى المدلول عليها بما سبق ، وأما إذا أريد بها مكة وما حولها فوجه ذلك أظهر لأن منشأ الانكار ما أصاب الأمم السالفة لا ما أصاب أهل مكة ومن حولها من القحط وضيق الحال ، وربما يقال : إذا كان المراد بأهل القرى في الموضعين أهل مكة وما حولها يكون العطف على الأقرب أنسب ، والمعنى أبعد ذلك الأخذ لمن استكبر وتعزز وخالف الرسل عليهم السلام وشيوعه والعلم به يأمن أهل القرى المشاركون لهم في ذلك { أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا } أي عذابنا { بياتا } أي وقت بيات وهو مراد من قال ليلا ، وهو مصدر بات ونصبه على الظرفية بتقدير مضاف ، ويجوز أن يكون حالا من المفعول أي بائتين ، وجوز أن يكون مصدر بيت ونصبع على أنه مفعول مطلق ليأتيهم من غير لفظه أي تبيبتاً أو حال من الفاعل بمعنى مبيتا بالكسر أو من المفعول بمعنى مبيتين بالفتح ، واختار غير واحد الظرفية ليناسب ما سيأتي { وَهُمْ نَائِمُونَ } حال من ضميرهم البارز أو المستتر في بياتا لتأويله بالصفة كما سمعت وهو حال متداخلة حينئذ