المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

26- ولله - سبحانه وتعالى - كل من في السموات والأرض خلْقاً وملكاً وخضوعاً ، كلهم لله منقادون .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

قوله تعالى :{ وله من في السموات والأرض كل له قانتون } مطيعون ، قال الكلبي : هذا خاص لمن كان منهم مطيعاً . عن ابن عباس : كل له مطيعون في الحياة والبقاء والموت والبعث وإن عصوا في العبادة .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات ، بآية جامعة لكل معانى القدرة والإِيجاد والهيمنة على هذا الكون فقال : { وَلَهُ مَن فِي السماوات والأرض } أى من الملائكة والجن والإِنس ، خلقا ، وملكا ، وتصرفا ، كل ذلك له وحده - سبحانه - لا لأحد غيره .

وقوله : { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } مؤكد لما قبله ومقرر له ، أى : كل الخلائق له لا لغيره طائعون خاضعون ، خاشعون ، طوعا وكرها ، إذ لا يمتنع عليه - سبحانه - شئ يريد فعله بهم ، من حياة أو موت ، ومن صحة أو مرض ، ومن غنى أو فقر .

هذا ، والمتأمل فى هذه الآيات الكريمة ، يرى أكثر من عشرة أدلة ، على وحدانية الله - تعالى - وعلى انفراده بالخلق ، وعلى إمكانية البعث ، ومن هذه الأدلة خلق الإِنسان من تراب ، وصيرورته بعد تقلبه فى أطوار التكوين بشراً سويا ، وإيجاده - سبحانه - للذكور والإِناث ، حتى يبقى النوع الإِنسانى إلى الوقت المقدر فى علمه - تعالى - : وإيجاده للناس على هذه الصورة التى اختلفت معها ألسنتهم وألوانهم ، مع أن أصلهم واحد ، وجعله - على هذه الصورة التى اختلفت معها ألسنتهم وألوانهم ، مع أن أصلهم واحد ، وجعله - تعالى - الليل مناما لراحة الناس ، والنهار معاشا لابتغاء الرزق ، وإنزاله المطر من السماء لإِحياء الأرض بالنبات ، وبقاء السموات والأرض على هذه الصورة العجيبة بأمره وتدبيره . . . إلى غير من الأدلة المبثوثة فى الأنفس والآفاق .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

يقول تعالى : { وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ } أي : ملكه وعبيده ، { كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ } أي : خاضعون خاشعون طوعًا وكرهًا .

وفي حديث دَرَّاج ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، مرفوعا : " كل حَرْف في{[22804]} القرآن يُذكَرُ فيه القنوت فهو الطاعة " {[22805]} .


[22804]:- في ت: "من".
[22805]:- رواه الإمام أحمد في مسنده (3/75)، وتقدم الحديث عند تفسير الآية: 116 من سورة البقرة. قال الحافظ ابن كثير: "ولكن هذا الإسناد ضعيف لا يعتمد عليه، ورفع هذا الحديث منكر وقد يكون من كلام الصحابي، أو مَنْ دونه، والله أعلم".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَهُ مَن فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ كُلّ لّهُ قَانِتُونَ * وَهُوَ الّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَىَ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : ولله من في السموات والأرض من ملك وجنّ وإنس عبيد وملك كُلّ لَهُ قانِتُونَ يقول : كلّ له مطيعون ، فيقول قائل : وكيف قيل كُلّ لَهُ قانِتُونَ وقد علم أن أكثر الإنس والجنّ له عاصون ؟ فنقول : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك ، فنذكر اختلافهم ، ثم نبين الصواب عندنا في ذلك من القول ، فقال بعضهم : ذلك كلام مخرجه مخرج العموم ، والمراد به الخصوص ، ومعناه : كلّ له قانتون في الحياة والبقاء والموت ، والفناء والبعث والنشور ، لا يمتنع عليه شيء من ذلك ، وإن عصاه بعضهم من غير ذلك . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله وَمِنْ آياتِهِ أنْ تَقُومَ السّماءُ والأرْضُ بأمْرِهِ . . . إلى كُلّ لَهُ قانِتُونَ يقول : مطيعون ، يعني الحياة والنشور والموت ، وهم عاصون له فيما سوى ذلك من العبادة .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : كلّ له قانتون بإقرارهم بأنه ربهم وخالقهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قَتادة كُلّ لَهُ قانِتُونَ : أي مطيع مقرّ بأن الله ربه وخالقه .

وقال آخرون : هو على الخصوص ، والمعنى : وله من في السموات والأرض من ملك وعبد مؤمن لله مطيع دون غيرهم . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : كُلّ لَهُ قانِتُونَ قال : كلّ له مطيعون . المطيع : القانت ، قال : وليس شيء إلاّ وهو مطيع ، إلاّ ابن آدم ، وكان أحقهم أن يكون أطوعهم لله . وفي قوله وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ قال : هذا في الصلاة ، لا تتكلموا في الصلاة كما يتكلم أهل الكتاب في الصلاة ، قال : وأهل الكتاب يمشي بعضهم إلى بعض في الصلاة ، قال : ويتقابلون في الصلاة ، فإذا قيل لهم في ذلك ، قالوا : لكي تذهب الشحناء من قلوبنا تسلم قلوب بعضنا لبعض ، فقال الله : وقوموا لله قانتين لا تزولوا كم يزولون . قانتين : لا تتكلموا كما يتكلمون . قال : فأما ما سوى هذا كله في القرآن من القنوت فهو الطاعة ، إلاّ هذه الواحدة .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب القول الذي ذكرناه عن ابن عباس ، وهو أن كلّ من في السموات والأرض من خلق لله مطيع في تصرّفه فيما أراد تعالى ذكره من حياة وموت ، وما أشبه ذلك ، وإن عصاه فيما يكسبه بقوله ، وفيما له السبيل إلى اختياره وإيثاره على خلافه .

وإنما قلت : ذلك أولى بالصواب في تأويل ذلك ، لأن العصاة من خلقه فيما لهم السبيل إلى اكتسابه كثير عددهم ، وقد أخبر تعالى ذكره عن جميعهم أنهم له قانتون ، فغير جائز أن يخبر عمن هو عاص أنه له قانت فيما هو له عاص . وإذا كان ذلك كذلك ، فالذي فيه عاص هو ما وصفت ، والذي هو له قانت ما بينت .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

{ ولهم من في السموات والأرض كل له قانتون } منقادون لفعله فيهم لا يمتنعون عنه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَهُۥ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ كُلّٞ لَّهُۥ قَٰنِتُونَ} (26)

اللام في { له } الأولى لام الملك ، وفي الثانية لام تعدية ل «قنت » إذ «قنت » بمعنى خضع في طاعته وانقياده ، وهذه الآية ظاهر لفظها العموم في الُقَّنت والعموم في كل من يعقل ، وتعميم ذلك في المعنى لا يصح لأنه خبر ، ونحن نجد كثيراً من الجن والإنس لا يقنت في كثير من المعتقد والأعمال ، فلا بد أن عموم ظاهر هذه الآية معناه الخصوص ، واختلف المتألون في هذا الخصوص أي هو ، فقال ابن عباس وقتادة : هو في القنت والطاعة وذلك أن جميع من يعقل هو قانت لله في معظم الأمور من الحياة والموت والرزق والقدرة ونحو ذلك ، وبعضهم يبخل بالعبادة وبالمعتقدات فلا يقنت فيها فكأنه قال كل له قانتون في معظم الأمور وفي غالب الشأن ، وقال ابن زيد ما معناه : إن الخصوص هو في الأعيان المذكورين كأنه قال { وله من في السماوات والأرض } من ملك ومؤمن{[9305]} .


[9305]:أوضح الآراء وأقربها إلى الصحة هنا أن من في السموات والأرض مخلوقون كإرادة الله تعالى، لا يقدر أحد على تغيير الخلقة، فآثار الصنعة والخلقة تدل على الطاعة، فهي طاعة إرادة ومشيئة، وليست طاعة عبادة، لأن في طاعة العبادة مطيعا وغير مطيع.