وقوله - سبحانه - : { وَأَنَّا مِنَّا المسلمون وَمِنَّا القاسطون فَمَنْ أَسْلَمَ فأولئك تَحَرَّوْاْ رَشَداً . وَأَمَّا القاسطون فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } تأكيد وتفصيل لما قبله .
والقاسطون : هم الجائرون الظالمون ، جمع قاسط ، وهو الذى ترك الحق واتبع الباطل ، اسم فاعل من قسط الثلاثى بمعنى جار ، بخلاف المقسط فهو الذى ترك الباطل واتبع الحق مأخوذ من أقسط الرباعى بمعنى عدل .
أى : وأنا - معاشر الجن - { مِنَّا المسلمون } الذين أسلموا وجوههم لله وأخلصوا له العبادة .
{ وَمِنَّا القاسطون } أى : الجائرون المائلون عن الحق إلى الباطل .
{ فَمَنْ أَسْلَمَ } منا { فأولئك } المسلمون { تَحَرَّوْاْ } أى : توخوا وقصدوا الرشد والحق .
القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَنّا مِنّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلََئِكَ تَحَرّوْاْ رَشَداً * وَأَمّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنّمَ حَطَباً } .
يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل النفر من الجن : وأنّا مِنّا المُسْلِمُون الذين قد خضعوا لله بالطاعة وَمِنّا القاسِطُونَ وهم الجائرون عن الإسلام وقصد السبيل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وأنّا مِنّا المُسْلِمُونَ وَمِنّا القاسِطُونَ قال : العادلون عن الحقّ .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : القاسِطُونَ قال : الظالمون .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : القاسِطُونَ الجائرون .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، في قوله : القاسِطُونَ قال : الجائرون .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد : المقسط : العادل ، والقاسط : الجائر وذكر بيت شعر :
قَسَطْنا على الأمْلاكِ فِي عَهْدِ تُبّعٍ *** وَمِنْ قَبْل ما أدْرَي النّفوسَ عِقابَها
وقال : وهذا مثل الترب والمترب قال : والترب : المسكين ، وقرأ : أوْ مِسْكِينا ذَا مَتْرَبَة قال : والمترب : الغنيّ .
وقوله : فَمَنْ أسْلَمَ فأُولَئِكَ تَحَرّوْا رَشَدا يقول : فمن أسلم وخضع لله بالطاعة ، فأولئك تعمدوا وترجّوا رشدا في دينهم . وأما القاسطون يقول : الجائرون عن الإسلام ، فكانُوا لِجَهَنّمَ حَطَبا توقد بهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.