الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

1

قوله : { الْقَاسِطُونَ } : قد تقدَّم في أول النساء : أنَّ قَسَط الثلاثيَّ بمعنى جار ، وأَقْسَط الرباعيَّ بمعنى عَدَل ، وأنَّ الحَجَّاجَ قال لسعيد بن جبير : ما تقولُ فِيّ قال : إنك قاسِطٌ عادِلٌ . فقال الحاضرون : ما أحسنَ ما قال ! ! فقال : يا جهلةُ جَعَلني جائراً كافراً ، وتلا { وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } [ الجن : 15 ] { ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ }

[ الأنعام : 1 ] .

قوله : { تَحَرَّوْاْ رَشَداً } أي : قَصَدوا ذلك ، وطَلَبوه باجتهادٍ ، ومنه : التحرِّي في الشيءِ . قال الراغب : " حَرَى الشيءَ يَحْريه أي : قَصَدَ حَراه أي جانبَه ، وتَحَرَّاه كذلك ، وحَرَى الشيءُ يَحْرِي : نَقَصَ ، كأنه لَزِمَ الحَرَى ولم يَمْتَدَّ قال :

4356 . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** والمَرْءُ بعد تَمامِه يَحْرِي

ويقال : رَماه الله بأفعى حارِيةٍ أي : [ ناقصةٍ ] شديدةٍ " انتهى ، وكأنَّ أصلَه مِنْ قولِهم : هو حَرٍ بكذا أي : حَقيقٌ به قَمِنٌ . و " رَشَداً " مفعولٌ به . والعامَّةُ " رَشَداً " بفتحتين . والأعرج بضمةٍ وسكونٍ .