فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

{ وأنا منا المسلمون } وهم الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم { ومنا القاسطون } أي الجائرون الكافرون الظالمون الذين حادوا عن طريق الحق . ومالوا إلى طريق الباطل ، يقال قسط إذا جار وأقسط إذا عدل ( {[1642]} ) قال ابن عباس القاسطون العادلون عن الحق . وعن سعيد بن جبير أن الحجاج قال له حين أراد قتله ما تقول فيّ قال قاسط عادل فقال القوم ما أحسن ما قال ، حسبوا أنه يصفه بالقسط والعدل فقال الحجاج يا جهلة إنه سماني ظالما مشركا ، وتلا لهم قوله تعالى { وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا } وقوله { ثم الذين كفروا بربهم يعدلون } ذكره الخطيب .

{ فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا } أي قصدوا طريق الحق وتوخوه باجتهاد ، ومنه التحري في الشيء ، قال الراغب : حرى الشيء يحريه أي قصد حراه أي جانبه وتحراه كذلك . وقال الفراء : أموا الهدى قال النسفي : تحرى طلب الأحرى . أي الأولى وفيه دليل على أن الجن يثاب بالجنة .


[1642]:ومنه قوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم في "صحيحه" عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن المقسطين عند الله على منابر من نور".