وبعد أن مدح - سبحانه - المؤمنين بتلك الصفات الطيبة ، أتبع ذلك ببيان ما عليه غيرهم من ضلال وحيرة فقال : { إِنَّ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ } .
وقوله : { زَيَّنَّا } من التزيين ، بمعنى التحسين والتجميل .
و { يَعْمَهُونَ } من العمه بمعنى التحير والتردد . يقال : عمه فلان - كفرح ومنع - إذا تحير وتردد فى أمره .
والمعنى : إن الذين لا يؤمنون بالدار الآخرة وما فيه من ثواب وعقاب ، { زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ } أى : حسناها لهم ، وحببناها إليهم ، بسبب استحبابهم العمى على الهدى ، والغى على الرشد { فَهُمْ يَعْمَهُونَ } أى : فهم يتحيرون ويتخبطون ويرتكبون ما يرتكبون من قبائح ، ظنا منهم أنها محاسن .
وصدق الله إذ يقول : { أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سواء عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ الله يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ . . . }
وعند ذكر الآخرة يركز عليها ويؤكد في صورة التهديد والوعيد لمن لا يؤمنون بها ، فيسدرون في غيهم ، حتى يلاقوا مصيرهم الوخيم :
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فيهم يعمهون . أؤلئك الذين لهم سوء العذاب ، وهم في الآخرة هم الأخسرون . .
والإيمان بالآخرة هو الزمام الذي يكبح الشهوات والنزوات ، ويضمن القصد والاعتدال في الحياة . والذي لا يعتقد بالآخرة لا يملك أن يحرم نفسه شهوة أو يكبح فيها نزوة ، وهو يظن أن الفرصة الوحيدة المتاحة له للمتاع هي فرصة الحياة على هذا الكوكب ، وهي قصيرة مهما طالت . وما تكاد تتسع لشيء من مطالب النفوس وأمانيها التي لا تنال ! ثم ما الذي يمسكه حين يملك إرضاء شهواته ونزواته ، وتحقيق لذاته ورغباته ؛ وهو لا يحسب حساب وقفة بين يدي الله ؛ ولا يتوقع ثوابا ولا عقابا يوم يقوم الأشهاد ?
ومن ثم يصبح كل تحقيق للشهوة واللذة مزينا للنفس التي لا تؤمن بالآخرة ، تندفع إليه بلا معوق من تقوى أو حياء . والنفس مطبوعة على أن تحب ما يلذ لها ، وأن تجده حسنا جميلا ؛ ما لم تهتد بآيات الله ورسالاته إلى الإيمان بعالم آخر باق بعد هذا العالم الفاني . فإذا هي تجد لذتها في أعمال أخرى وأشواق أخرى ، تصغر إلى جوارها لذائذ البطون والأجسام !
والله - سبحانه - هو الذي خلق النفس البشرية على هذا النحو ؛ وجعلها مستعدة للاهتداء إن تفتحت لدلائل الهدي ، مستعدة للعماء إن طمست منافذ الإدراك فيها . ومشيئته نافذة - وفق سنته التي خلق النفس البشرية عليها - في حالتي الاهتداء والعماء . ومن ثم يقول القرآن عن الذين لا يؤمنون بالآخرة : ( زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون ) . . فهم لم يؤمنوا بالآخرة فنفذت سنة الله في أن تصبح أعمالهم وشهواتهم مزينة لهم حسنة عندهم . . وهذا هو معنى التزيين في هذا المقام . فهم يعمهون لا يرون ما فيها من شر وسوء . أو فهم حائرون لا يهتدون فيها إلى صواب .
لا محالة يثير كون الكتاب المبين هدى وبشرى للذين يوقنون بالآخرة سؤالاً في نفس السامع عن حال أضدادهم الذين لا يوقنون بالآخرة لماذا لا يهتدون بهدي هذا الكتاب البالغ حداً عظيماً في التبين والوضوح . فلا جرم أن يصلح المقام للإخبار عما صَرَفَ هؤلاء الأضدادَ عن الإيمان بالحياة الآخرة فوقع هذا الاستئناف البياني لبيان سبب استمرارهم على ضلالهم . ذلك بأن الله يعلم خبث طواياهم فحرمهم التوفيق ولم يصرف إليهم عناية تنشلهم من كيد الشيطان لحكمة علمها الله من حال ما جبلت عليه نفوسهم ، فوقع هذا الاستئناف بتوابعه موقع الاعتراض بين أخبار التنويه بالقرآن بما سبق ، والتنويه به بمن أنزل عليه بقوله : { وإنك لتُلَقّى القرآن } [ النمل : 6 ] .
وتأكيد الخبر بحرف التوكيد للاهتمام به لأنه بحيث يلتبس على الناس سبب افتراق الناس في تلقي الهدى بين مبادر ومتقاعس ومُصرّ على الاستمرار في الضلال . ومجيء المسند إليه موصولاً يومىء إلى أن الصلة علة في المسند .
وتزيين تلك الأعمال لهم : تصوّرهم إياها في نفوسهم زَيْناً ، وإسناد التزيين إلى الله تعالى يرجع إلى أمر التكوين ، أي خُلقت نفوسهم وعقولهم قابلة للانفعال وقبول ما تراه من مساوىء الاعتقادات والأعمال التي اعتادوها ، فإضافة أعمال إلى ضمير الذين لا يؤمنون بالآخرة يقتضي أن تلك الأعمال هي أعمال الإشراك الظاهرة والباطنة فهم لإلفهم إياها وتصلّبهم فيها صاروا غير قابلين لهدي هذا الكتاب الذي جاءتهم آياته .
وقد أشارت الآية إلى معنى دقيق جداً وهو أن تفاوت الناس في قبول الخير كائن بمقدار رسوخ ضد الخير في نفوسهم وتعلق فطرتهم به . وذلك من جراء ما طرأ على سلامة الفطرة التي فطر الله الناس عليها من التطور إلى الفساد كما أشار إليه قوله تعالى : { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم ردَدْنَاه أسفلَ سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } [ التين : 5 ، 6 ] الآية . فمبادرة أبي بكر رضي الله عنه إلى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم أمارةٌ على أن الله فطره بنفس وعقل بريئين من التعلق بالشر مشتاقين إلى الخير حتى إذا لاح لهما تقبّلاه . وهذا معنى قول أبي الحسن الأشعري « ما زال أبو بكر بعين الرضى من الرحمن » .
وقد أومأ جعل صلة الموصول مضارعاً إلى أن الحكم منوط بالاستمرار على عدم الإيمان ، وأومأ جعل الخبر ماضياً في قوله : { زينا } إلى أن هذا التزيين حكم سبق وتقرر من قبلُ ، وحسبك أنه من آثار التكوين بحسب ما طرأ على النفوس من الأطوار .
فإسناد تزيين أعمال المشركين إلى الله في هذه الآية وغيرها مثل قوله : { كذلك زيّنا لكل أمة عملهم } في سورة الأنعام ( 108 ) لا ينافي إسناد ذلك إلى الشيطان في قوله الآتي { وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل } [ النمل : 24 ] ؛ فإن وسوسة الشيطان تجد في نفوس أولئك مرتعاً خصباً ومنبتاً لا يقحل ؛ فالله تعالى مزينٌ لهم بسبب تطور جبلة نفوسهم من أثر ضُعف سلامة الفِطَر عندهم ، والشيطان مزيّن لهم بالوسوسة التي تجد قبولاً في نفوسهم كما قال تعالى حكاية عنه { قال فبعزتك لأغوينّهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين } [ ص : 82 ، 83 ] وقال تعالى : { إن عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلا من اتبعك من الغاوين } [ الحجر : 42 ] وقد تقدم ذلك في قوله تعالى : { ختم الله على قلوبهم } الآية في سورة البقرة ( 7 ) .
وفُرّع على تزيين أعمالهم لهم أنهم في عمَهٍ متمكن منهم بصوغ الإخبار عنهم بذلك بالجملة الاسمية . وأفادت صيغة المضارع أن العَمه متجدد مستمر فيهم ، أي فهم لا يرجعون إلى اهتداء لأنهم يحسبون أنهم على صواب .
والعَمَه : الضلال عن الطريق بدون اهتداء . وقد تقدم في قوله تعالى : { ويمدّهم في طغيانهم يعمهون } في سورة البقرة ( 15 ) . وفعله كمنع وفرح .
فضمير { هم } عائد إلى { الذين لا يؤمنون بالآخرة } بمراعاة هذا العنوان لا بذواتهم .
واعلم أن هذا الاستمرار متفاوت الامتداد فمنه أشدّه وهو الذي يمتد بصاحبه إلى الموت ، ومنه دون ذلك . وكل ذلك على حسب تزيين الكفر في نفوسهم تزييناً خالصاً أو مشوباً بشيء من التأمل في مفاسده ، وتلك مراتب لا يحيط بها إلا الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{إن الذين لا يؤمنون بالآخرة} يعني: لا يصدقون بالبعث {زينا لهم أعمالهم} يعني: ضلالتهم {فهم يعمهون}، يعني: يترددون فيها.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: إن الذين لا يصدّقون بالدار الآخرة، وقيام الساعة، وبالمعاد إلى الله بعد الممات والثواب والعقاب "زَيّنا لَهُمْ أعمالَهُمْ "يقول: حببنا إليهم قبيح أعمالهم، وسهّلنا ذلك عليهم "فَهُمْ يَعْمَهُونَ" يقول: فهم في ضلال أعمالهم القبيحة التي زيّناها لهم يتردّدون حيارى، يحسبون أنهم يحسنون.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم} الأعمال التي هم فيها بما ركب فيهم من الشهوات والأماني...
وقوله تعالى: {فهم يعمهون} قيل: يترددون. وأصل العمه الحيرة، أي يتحيرون.
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :
{إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم} زين لهم أعمالهم القبيحة بأن جعلها مشتهاة للطبع محبوبة للنفس...
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ :
{هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} أي: إنما تحصل الهداية والبشارة من القرآن لِمَنْ آمن به واتبعه وصدقه، وعمل بما فيه، وأقام الصلاة المكتوبة، وآتى الزكاة المفروضة، وآمن بالدار الآخرة والبعث بعد الموت، والجزاء على الأعمال، خيرها وشرها، والجنة والنار، كما قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44].
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{إن الذين لا يؤمنون} أي يوجدون الإيمان ويجددونه {بالآخرة زينا} أي بعظمتنا التي لا يمكن دفاعها {لهم أعمالهم} أي القبيحة، حتى أعرضوا عن الخوف من عاقبتها مع ظهور قباحتها... {فهم} أي فتسبب عن ذلك أنهم {يعمهون} أي يخبطون خبط من لا بصيرة له أصلاً ويترددون في أودية الضلال، ويتمادون في ذلك، فهم كل لحظة في خبط جديد، بعمل غير سديد ولا سعيد، فإن العمه التحير والتردد كما هو حال الضال.
تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :
أي إن الذين لا يصدقون بالآخرة وقيام الساعة والمعاد إلى الله بعد الموت، وبالثواب والعقاب -حبّبنا إليهم قبيح أعمالهم، ومددنا لهم في غيهم، فهم في ضلالهم حيارى تائهون، يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لا يفكرون في عقبى أمرهم، ولا ينظرون إلى ما يؤول إليه سلوكهم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وعند ذكر الآخرة يركز عليها ويؤكد في صورة التهديد والوعيد لمن لا يؤمنون بها، فيسدرون في غيهم، حتى يلاقوا مصيرهم الوخيم:
إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فيهم يعمهون. أولئك الذين لهم سوء العذاب، وهم في الآخرة هم الأخسرون..
والإيمان بالآخرة هو الزمام الذي يكبح الشهوات والنزوات، ويضمن القصد والاعتدال في الحياة. والذي لا يعتقد بالآخرة لا يملك أن يحرم نفسه شهوة أو يكبح فيها نزوة، وهو يظن أن الفرصة الوحيدة المتاحة له للمتاع هي فرصة الحياة على هذا الكوكب، وهي قصيرة مهما طالت. وما تكاد تتسع لشيء من مطالب النفوس وأمانيها التي لا تنال! ثم ما الذي يمسكه حين يملك إرضاء شهواته ونزواته، وتحقيق لذاته ورغباته؛ وهو لا يحسب حساب وقفة بين يدي الله؛ ولا يتوقع ثوابا ولا عقابا يوم يقوم الأشهاد؟
ومن ثم يصبح كل تحقيق للشهوة واللذة مزينا للنفس التي لا تؤمن بالآخرة، تندفع إليه بلا معوق من تقوى أو حياء. والنفس مطبوعة على أن تحب ما يلذ لها، وأن تجده حسنا جميلا؛ ما لم تهتد بآيات الله ورسالاته إلى الإيمان بعالم آخر باق بعد هذا العالم الفاني. فإذا هي تجد لذتها في أعمال أخرى وأشواق أخرى، تصغر إلى جوارها لذائذ البطون والأجسام!
والله -سبحانه- هو الذي خلق النفس البشرية على هذا النحو؛ وجعلها مستعدة للاهتداء إن تفتحت لدلائل الهدي، مستعدة للعماء إن طمست منافذ الإدراك فيها. ومشيئته نافذة -وفق سنته التي خلق النفس البشرية عليها- في حالتي الاهتداء والعماء. ومن ثم يقول القرآن عن الذين لا يؤمنون بالآخرة: (زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون).. فهم لم يؤمنوا بالآخرة فنفذت سنة الله في أن تصبح أعمالهم وشهواتهم مزينة لهم حسنة عندهم.. وهذا هو معنى التزيين في هذا المقام. فهم يعمهون لا يرون ما فيها من شر وسوء. أو فهم حائرون لا يهتدون فيها إلى صواب.
التيسير في أحاديث التفسير للمكي الناصري 1415 هـ :
يشير إلى حقيقة نفسية واجتماعية دل عليها الاستقراء في القديم والحديث، ألا وهي أن كل شخص ليس عنده إيمان بالآخرة، ويعتقد أن حياته تنتهي عند حلول الموت، تزداد أنانيته حدة، ويزداد شرهه شدة، إذ يخيل إليه أن ذاته هي البداية والنهاية، وأن حياته في الدنيا ليست وسيلة وإنما هي في نفسها غاية، فلا يترفع عن طرق أي باب من الأبواب، ولا يتورع عن اتخاذ أحط الوسائل وأشنع الأسباب، لاختلاس أكبر قدر ممكن من المنافع والشهوات، وانتزاعها إن لم يكن بالحيلة فعن طريق العنف والجرائم والموبقات، لأن المجتمع في تصوره القاتم عبارة عن غابة موحشة وأدغال، وكل شيء في نظره القاصر مباح وحلال، ما دامت نهاية حياته القصيرة حسبما يخيل له خياله المريض هي التفسخ والفناء والانحلال.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
أي حيارى في حياتهم. فهم يرون الملوّث نقيّاً، والقبيح حسناً...
وهذا التغير في القِيمَ، أو اضطراب المعايير في نظر الإنسان، يؤدي إلى الحيرة في متاهات الحياة... وهو من أسوأ الحالات التي تصيب الإنسان. والذي يلفت النظر أنّ «التزيين» في الآية محل البحث وفي آية أُخرى من القرآن، وهي الآية (108) من سورة الأنعام، نسب إلى الله سبحانه، مع أنّه نُسب في ثمانية مواطن إلى الشيطان، وفي عشرة أُخَر جاء بصيغ الفعل المجهول (زُيّنَ) ولو فكرنا بإمعان وأمعنا النظر، لوجدنا جميع هذه الصور كاشفة عن حقيقة واحدة! فأمّا نسبة التزيين إلى الله، فلأنّه «مسبب الأسباب» في عالم الإيجاد، وما من موجود مؤثر إلاّ ويعود تأثيره إلى الله. أجل، إنّ هذه الخاصية أوجدها الله في تكرار العمل ليتطبّع عليه الإنسان... ويتغير حسُّ التشخيص فيه دون أن تسلب المسؤولية عنه، أو أن تكون نقصاً في خلقة الله أو إيراداً عليه (لاحظوا بدقّة). وأمّا نسبة التزيين إلى الشيطان (أو هوى النفس) فلأن كلاّ منهما عامل قريب و بغير واسطة للتزيين. وأمّا مجيء التزيين بصورة الفعل المبني للمجهول، فهو إشارة إلى أنّ طبيعة العمل يقتضي أن يوجد على أثر التكرار حالة وملكة وعلاقة وعشقاً!!