80- وهو الذي يحيى ويميت ، وبأمره وقوانينه تعاقب الليل والنهار واختلافهما طولا وقصراً ، ألا تعقلون دلالة ذلك علي قدرته ووجوب الإيمان به ، وبالبعث ؟ {[145]} .
( وهو الذي يحيي ويميت ) . . والحياة والموت حادثان يقعان في كل لحظة ، وليس إلا الله يملك الموت والحياة . فالبشر - أرقى الخلائق - أعجز من بث الحياة في خلية واحدة ، وأعجز كذلك من سلب الحياة سلبا حقيقيا عن حي من الأحياء . فالذي يهب الحياة هو الذي يعرف سرها ، ويملك أن يهبها ويستردها . والبشر قد يكونون سببا وأداة لإزهاق الحياة ، ولكنهم هم ليسوا الذين يجردون الحي من حياته على وجه الحقيقة . إنما الله هو الذي يحيي ويميت ، وحده دون سواه .
( وله اختلاف الليل والنهار ) . . فهو الذي يملكه ويصرفه - كاختلاف الموت والحياة - وهو سنة كونية كسنة الموت والحياة . هذه في النفوس والأجساد ، وهذه في الكون والأفلاك . وكما يسلب الحياة من الحي فيعتم جسده ويهمد ، كذلك هو يسلب الضوء من الأرض فتعتم وتسكن . ثم تكون حياة ويكون ضياء ، يختلف هذا على ذاك ، بلا فتور ولا انقطاع إلا أن يشاء الله . . ( أفلا تعقلون ? )وتدركون ما في هذا كله من دلائل على الخالق المدبر ، المالك وحده لتصريف الكون والحياة ?
{ وهو الذي يحي ويميت وله اختلاف الليل والنهار } ويختص به تعاقبهما لا يقدر على غيره فيكون ردا لنسبته إلى الشمس حقيقة أو لأمره وقضائه تعاقبهما ، أو انتقاص أحدهما وازدياد الآخر . { أفلا تعقلون } بالنظر والتأمل أن الكل منا وأن قدرتنا تعم الممكنات كلها وأن البعث من جملتها ، وقرئ بالياء على أن الخطاب السابق لتغليب المؤمنين .