المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا} (90)

90- ولما ظهر إعجاز القرآن ولزمتهم الحُجة ، اقترحوا الآيات والمعجزات ، فعل المحجوج المبهوت المتحير ، فقالوا : لن نؤمن حتى تفجر لنا من أرض مكة عيْناً لا ينقطع ماؤها .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا} (90)

{ وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجُر لنا من الأرض ينبوعا } تعنتا واقتراحا بعد ما لزمتهم الحجة بيان إعجاز القرآن وانضمام غيره من المعجزات إليه . وقرأ الكوفيون ويعقوب { تفجر } بالتخفيف والأرض ارض مكة والينبوع عين لا ينضب ماؤها يفعول من نبع الماء كيعبوب من عب الماء إذا زخر .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا} (90)

وقوله تعالى : { وقالوا لن نؤمن لك } الآية ، قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر «حتى تُفجّر »{[7702]} ، وقرأ عاصم وحمزة الكسائي حتى «تَفجُر » بفتح التاء وضم الجيم ، وفي القرآن { فانفجرت }{[7703]} [ البقرة : 60 ] ، وانفجر مطاوع فجر فهذا مما يقوي القراءة الثانية ، وأما الأولى فتقتضي المبالغة في التفجير . و «الينبوع » الماء النابع ، وهي صفة مبالغة إنما تقع للماء الكثير ، وطلبت قريش هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، وإياها عنوا ب { الأرض } ، وإنما يراد بإطلاق لفظة { الأرض } هنا الأرض التي يكون فيها المعنى المتكلم فيه ، كقوله { أو ينفوا من الأرض }{[7704]} [ المائدة : 33 ] فإنما يريد من أرض تصرفهم وقطعهم السبل ومعاشهم ، وكذلك أيضاً اقتراحهم الجنة إنما هو بمكة لامتناع ذلك فيها ، وإلا ففي سائر البلاد كان ذلك يمكنه وإنما طلبوه بأمر إلهي في ذلك الموضع الجدب ، وقرأ الجمهور «جنة » ، وقرأ «حبة » المهدوي ، وقوله { فتفجّر } . تضعيف مبالغة لا تضعيف تعدية ، كقوله سبحانه : ( وغلقت الأبواب ){[7705]} ، و { خلالها } ظرف ، ومعناه أثناءها وفي داخلها ، وروي في قول هذه المقالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حديث طويل ، مقتضاه أن عتبة وشيبة ابني ربيعة ، وعبد الله بن أبي أمية ، والنضر بن الحارث وغيرهم من مشيخة قريش وسادتها ، اجتمعوا عليه فعرضوا عليه أن يملكوه إن أراد الملك ، أو يجمعوا له كثيراً من المال إن أراد الغنى ، أو ُيِطُّبوه إن كان به داء ونحو هذا من الأقاويل ، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك إلى الله ، وقال «إنما جئتكم عند الله بأمر فيه صلاح دينكم ودنياكم ، فإن سمعتم وأطعتم فحسن ، وإلا صبرت لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم بما شاء » ، فقالوا له حينئذ فإن كان ما تزعمه حقاً ففجر ينبوعاً ونؤمن لك ، ولتكن لك جنة إلى غير ذلك مما كلفوه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :«هذا كله إلى الله ، ولا يلزمني هذا ولا غيره ، وإنما أنا مستسلم لأمر الله تعالى »{[7706]} ، هذا هو معنى الحديث . وفي الألفاظ اختلاف وروايات متشعبة يطول سوق جميعها ، فاختصرت لذلك .


[7702]:بضم التاء وفتح الفاء وتشديد الجيم مع الكسرة. وهي تدل على كثرة الانفجار من الينبوع، وقراءة التخفيف تتجه إلى أن الينبوع واحد.
[7703]:من قوله تعالى في الآية (60) من سورة (البقرة): {وإذا استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا}.
[7704]:من الآية (33) من سورة (المائدة).
[7705]:من الآية (23) من سورة (يوسف).
[7706]:الحديث طويل، وهو بنصه الطويل في تفسير الطبري، والقرطبي، وفي الدر المنثور، وتفسير ابن كثير، وقد أخرجه ابن جرير، وابن إسحق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفي الألفاظ اختلاف باختلاف الروايات كما قال المؤلف رحمه الله.