اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفۡجُرَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَرۡضِ يَنۢبُوعًا} (90)

قوله : { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ } الآية .

قرأ الكوفيُّون{[20710]} [ " تَفْجُرَ " ] بفتح التَّاء ، وسكون الفاء ، وضم الجيم خفيفة ، مضارع " فَجَرَ " واختاره أبو حاتم ؛ قالوا : لأنّ الينبوع واحدٌ ، والباقون ، بضمِّ التاء ، وفتح الفاء ، وكسر الجيم شديدة ، مضارع " فجَّر " ، للتكثير ، ولم يختلفوا في الثانية : أنَّها بالتثقيل للتصريح بمصدرها ، وقرأ الأعمش " تُفْجِرَ " بضمِّ التاء ، وسكون الفاء ، وكسر الجيم خفيفة ، مضارع " أفْجرَ " بمعنى " فَجرَ " فليس التضعيفُ ، ولا الهمزة معدِّيينِ .

فمن ثقَّل ، أراد كثيرة الانفجار من الينبوع ، وهو وإن كان واحداً ، فلكثرة الانفجار فيه يحسن أن يثقَّل ؛ كما تقول : ضرَّب زيدٌ ، إذا كثر الضَّربُ منه ؛ لكثرة فعله ، وإن كان الفاعل واحداً ، ومن خفَّف ؛ فلأن الينبوع واحدٌ .

و " يَنْبُوعاً " مفعول به ، ووزنه " يَفعُولٌ " ؛ لأنه من النَّبعِ ، واليَنبُوعُ : العين تفور من الأرض .

فصل فيما يثبت صدق النبوة

اعلم أنَّه تعالى لمَّا بيَّن بالدليل كون القرآن معجزاً ، وظهر هذا المعجز على وفق دعوى محمد صلى الله عليه وسلم ، فحينئذٍ : تمَّ الدليل على كونه نبيًّا صدقاً ؛ لأنَّا نقول : إن محمداً صلى الله عليه وسلم ادَّعى النبوة ، وأظهر المعجزة على وفق دعواه ، وكلُّ من كان كذلك ، كان نبيًّا صادقاً ؛ فهذا يدلُّ على أنَّ محمداً صلى الله عليه وسلم صادقٌ ، وليس من شرط كونه نبيًّا صادقاً تَواترُ المعجزات الكثيرة ، وتواليها ؛ لأنَّا لو فتحنا هذا الباب ، للزم ألاَّ ينقطع فيه ، وكلما أتى الرَّسُول - عليه الصلاة والسلام - بمعجز ، اقترحوا عليه معجزاً آخر ، ولا ينتهي الأمر فيه إلى حدِّ ينقطع عنده عناد المعاندين ؛ لأنَّه تعالى حكى عن الكفَّار : أنهم بعد أن ظهر كون القرآن معجزاً ، التمسُوا من الرسُول - عليه الصلاة والسلام - ستَّة أنواعٍ من المعجزات الباهرات

90


[20710]:ينظر: السبعة 384، والنشر 2/308، والتيسير 141، والإتحاف 2/204، والحجة 409، والحجة للقراء السبعة 5/118، والقرطبي 10/214، والبحر 6/77، والدر المصون 4/418.