المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

75 - فأقسم - حقا - بمساقط النجوم عند غروبها آخر الليل أوقات التهجد والاستغفار ، وإنه لقسم - لو تفكرون في مدلوله - عظيم الخطر بعيد الأثر{[219]} .


[219]:تبين هاتان الآيتان مدى أهمية هذا القسم العظيم، فإن النجوم أجرام مضيئة بذاتها، وأقرب النجوم إلينا وهي الشمس تبعد عنا بمقدار 500 سنة ضوئية تقريبا. بينما النجم الذي يليها في القرب يبعد عنا بمقدار 4 سنوات ضوئية تقريبا، فالطاقة التي نستخدمها من الشمس هي المقومات الأساسية للحياة، فلو كان بعد الشمس عن الأرض أقل أو أكثر مما هو عليه الآن فإن الحياة تصبح قاسية متعذرة كما أن أحجام النجوم تختف بعضها عن بعض فمنها النجوم العمالقة وهي الاتساع بحيث تشمل الأرض والشمس على بعدهما. وهناك مجموعات من النجوم تسمى بالعناقيد سابحة في الفضاء تخترق المجرة اللبنية من حين لآخر. فإذا صادفت خلال مرورها المجموعة الشمسية واصطدمت بها فإن ذلك الهلاك والفناء المحقق. حتى إذا ما اقترب نجم من النجوم من الشمس فإن ذلك يؤدي إلى اختلال في التوازن وإلى الهلاك والفناء. لذلك فإن آيات العبرة والقدرة تظهر في هذا الكون الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ونظمه.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

فقال موضحاً له بالتأكيد رحمة للعبيد بالإشارة إلى أنهم جروا على غير ما يعلمون من عظمتنا فعدوا غير عالمين : { وإنه } أي هذا القسم على هذا{[62246]} المنهج { لقسم لو تعلمون } أي لو تجدد لكم في وقت علم لعلمتم أنه { عظيم } وإقسامه لنا على ذلك ونحن أقل قدراً وأضعف أمراً إعلاماً بما له من الرحمة التي من عظمها أنه لا يتركنا سدى - كل ذلك ليصلح أنفسنا باتباع أمره والوقوف عند زجره ، قال ابن برجان : ومن إتقانه جل جلاله في خليقته وحكمه في بريته أن جعل لكل واقع من النجوم الفلكية طالعاً يسمى بالإضافة إلى الواقع الرقيب دون تأخر ، وذلك هو المشار إليه بقوله تعالى :

رب المشرقين ورب المغربين فبأي آلاء ربكما تكذبان }[ الرحمن : 18 ] يجمع ذلك الشمس والقمر والنجوم وهي نجوم{[62247]} منازل القمر عددها ثمانية وعشرون منزلة سوى تحجبها الشمس فتمت تسع وعشرون منزلة يشتشرفها القمر ، فربما استتر ليلة وربما استتر ليلتين ، فالقمر ينزل في هذه المنازل كل ليلة منزلة حتى يتمها لتمام{[62248]} الشهر ، وأما الشمس فإنها تقيم في كل منزلة [ منها ]{[62249]} ثلاثة عشر يوما خلا الجهة فإنها تقيم فيها أربعة عشر يوماً ويسمى حلولها في هذه المحال ثم طلوع المنزلة التي تليها لوقوع هذا رقيب لها نوء - انتهى ، وهو يعني أن من تأمل هذه الحكم علم ما في هذا القسم من العظم ، وأشبع القول فيها أبو الحكم ، وبين ما فيها من بدائع النعم ، ثم قال : ويفضل الله{[62250]} بفتح رحمته كما يشاء فينزل من السماء{[62251]} ماء مباركاً يكسر به من برد الزمهرير فيرطبه ويبرد من حر السعير فيعدله ، وقسم السنة على أربعة فصول أتم فيها أمره في الأرض بركاتها وتقدير أقواتها ، قال

{ وبارك فيها وقدر فيها أقواتها{[62252]} في أربعة أيام }[ فصلت : 10 ] ثم قال : وجعل هذه الدنيا على هذا الاعتبار الجنة الصغرى ، ولو أتم القسم على هذا الوجه ثم على الاعتبار تخفيفه الفيح وإنارته الزمهرير والسعير هي جهنم الصغرى .


[62246]:- زيد من ظ.
[62247]:- من ظ، وفي الأصل: لنجوم.
[62248]:- زيد من ظ.
[62249]:- زيد من ظ.
[62250]:- زيد من ظ.
[62251]:- زيد من ظ.
[62252]:- زيد من ظ.