فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

ثم أخبر الله سبحانه عن تعظيم هذا القسم وتفخيمه فقال :{ وإنه لقسم } هذه الجملة معترضة بين المقسم به والمقسم عليه وقوله : { لو تعلمون } جملة معترضة بين جزئي الجملة المعترضة ، فهو اعتراض في اعتراض ، قال الفراء والزجاج : هذا يدل على أن المراد بمواقع النجوم نزول القرآن ، والضمير في أنه يعود على القسم الذي يدل عليه قسم والمعنى أن القسم بمواقع النجوم لقسم { عظيم } لو تعلمون لما في المقسم به من الدلالة على عظم القدرة ، وكمال الحكمة ، وفرط الرحمة ومن مقتضيات رحمته أن لا يترك عباده سدى ثم ذكر سبحانه المقسم عليه فقال :

{ إنه لقرآن كريم } أي كرمه الله وأعزه ، ورفع قدره على جميع الكتب وكرمه عن أن يكون سحرا وكهانة أو كذبا ، وقيل : إنه كريم لما فيه من كرم الأخلاق ، ومعالي الأمور وقيل لأنه يكرم حافظه ، ويعظم قارئه ، وحكى الواحدي عن أهل المعاني : أنه وصف القرآن بالكريم لأن من شأنه أن يعطي الخير الكثير بالدلائل التي تؤدي إلى الحق في الدين ، قال الإزهري : الكريم اسم جامع لما يحمد ، والقرآن كريم يحمد لما فيه من الهدى ، والبيان والعلم والحكمة ، فالفقيه يستدل به ويأخذ منه ، والحكيم يستمد منه ويحتج به ، والأديب يستفيد منه ويتقوى به ، فكل عالم يطلب أصل علمه منه ، وقيل : حسن مرضي أو نفاع جم المنافع ، أو عزيز مكرم ، لا يهون بكثرة التلاوة ، ولا يخلق بكثرة الرد ، ولا يمله السامعون ، ولا يثقل على الألسنة ، بل غض طري يبقى أبد الدهر .