اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِنَّهُۥ لَقَسَمٞ لَّوۡ تَعۡلَمُونَ عَظِيمٌ} (76)

قوله : «وإنه لقسم - لو تعلمون - عظيم » .

الضمير عائد على القسم الذي تضمنه قوله : { فَلاَ أُقْسِمُ } ؛ لأن «أقسم » يتضمن ذكر المصدر ، ولهذا توصف المصادر التي لم تظهر بعد الفعل فيقال : «ضربته قويًّا » .

فإن قيل : جواب «لو تعْلَمُونَ » ماذا ؟ .

قال ابن الخطيب{[55064]} : ربما يقول بعض من لا يعلم بأن جوابه ما تقدم ، وهو فاسد في جميع المواضع ؛ لأن جواب الشرط لا يتقدم ؛ لأن عمل الحروف في معمولاتها لا يكون قبل وجودها ، فلا يقال : زيداً إن قام .

فالجواب يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يقال : الجواب محذوف بالكلية بحيث لا يقصد لذلك جواب ، وإنما يراد نفي ما دخلت «لو » فكأنه قال : وإنه لقسمٌ عظيم لو تعلمون .

وتحقيقه : أن «لو » تذكر لامتناع الشيء لامتناع غيره ، فلا بُدَّ فيه من انتفاء الأول ، فإدخال «لو » على «تعلمون » أفاد أن علمهم منتفٍ ، سواء علمنا الجزاء أم لم نعلم .

وهذا كقولهم في الفعل المتعدِّي : فلان يعطي ويمنع ، حيث لا يقصد منه مفعولاً ، وإنما يراد إثبات القدرة .

الثاني : أنَّ جوابه مقدر ، تقديره : لو تعلمون لعظَّمتموه ، لكنكم ما عظَّمتموه ، فعلم أنكم لا تعلمون ، إذ لو تعلمون لعظم في أعينكم ، ولا تعظيم فلا تعلمون .


[55064]:التفسير الكبير 29/164.