المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ} (116)

116- العظمة لله - وحده - هو مالك الملك كله ، لا معبود بحق سواه ، هو صاحب العرش العظيم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ} (116)

وقوله : { فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ } أي : تقدَّس أن يخلق شيئا عبثا ، فإنه الملك الحق المنزه عن ذلك ، { لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } ، فذكر العرش ؛ لأنه سقف جميع المخلوقات ، ووصفه بأنه كريم ، أي : حسن المنظر بهي الشكل ، كما قال تعالى : { فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ } [ لقمان : 10 ] .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا علي بن محمد الطَّنَافِسيّ ، حدثنا إسحاق بن سليمان - شيخ من أهل العراق - أنبأنا شعيب بن صفوان ، عن رجل من آل سعيد بن العاص قال :

كان آخر خطبة خطب عمر بن عبد العزيز أن حمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد ، فإنكم لم تخلقوا عبثا ، ولن{[20701]} تتركوا سدى ، وإن لكم معادا ينزل الله فيه للحكم بينكم والفصل بينكم ، فخاب وخسر مَن خرج من رحمة الله ، وحرم جنة عرضها السموات والأرض ، ألم تعلموا أنه لا يأمن غدا إلا من حذر هذا اليوم وخافه ، وباع نافدا بباق ، وقليلا بكثير ، وخوفا بأمان ، ألا ترون أنكم من أصلاب الهالكين ، وسيكون من بعدكم الباقين ، حتى تردون{[20702]} إلى خير الوارثين ؟ ثم إنكم في كل يوم تُشَيّعون غاديا ورائحا إلى الله عز وجل ، قد قضى نحبه ، وانقضى أجله ، حتى تغيبوه في صَدْع من الأرض ، في بطن صدع غير ممهد ولا موسد ، قد فارق الأحباب وباشر التراب ، وواجه الحساب ، مُرْتَهَن بعمله ، غني عما ترك ، فقير إلى ما قدم . فاتقوا الله عباد الله قبل انقضاء مواثيقه ، ونزول الموت بكم ثم جعل طرف ردائه على وجهه ، فبكى وأبكى من حوله .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا يحيى بن نصر{[20703]} الخَوْلاني ، حدثنا ابن وَهْب ، أخبرني ابن لَهِيعَة ، عن أبي هُبَيْرَةَ عن حَنَش{[20704]} بن عبد الله ؛ أن رجلا مصابًا مرَّ به عبد الله بن مسعود ، فقرأ في أذنه هذه الآية : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ } ، حتى ختم السورة فَبَرَأ ، [ فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ]{[20705]} ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بماذا قرأت في أذنه ؟ " فأخبره ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده ، لو أن رجلا مُوقنا قرأها على جَبَل لزال " .

وروى أبو{[20706]} نُعَيم من طريق خالد بن نزار ، عن سفيان بن عيينة ، عن محمد بن المُنْكَدر ، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث ، عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سَرَِّية ، وأمرنا أن نقول إذا نحن أمسينا وأصبحنا : { أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ } ، قال : فقرأناها فغنمنا وسلمنا{[20707]} .

وقال ابن أبي حاتم أيضا : حدثنا إسحاق بن وهب العلاف الواسطي ، حدثنا أبو المُسَيَّب سلمة بن سلام ، حدثنا بكر بن خُنَيْس{[20708]} ، عن نَهْشَل بن سعيد ، عن الضحّاك بن مُزَاحِم ، عن عبد الله بن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا في السفن : بسم الله الملك الحق ، { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ الزمر : 67 ] ، { بِسْمِ اللَّهِ مَجرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } [ هود : 41 ] . {[20709]}


[20701]:- في ف : "ولم".
[20702]:- في ف : "حين تردوا".
[20703]:- في أ : "نصير".
[20704]:- في ف : "حسن".
[20705]:- زيادة من ف ، أ.
[20706]:- في ف : "ابن".
[20707]:- معرفة الصحابة لأبي نعيم برقم (726).
[20708]:- في ف : "حبيش".
[20709]:- ورواه الطبراني في المعجم الكبير (12/124) وفي كتاب الدعاء برقم (804) من طرق عن عبد الحميد الهلالي ، عن نهشل به ، وقال الهيثمي في المجمع (10/132) : "نهشل بن سعيد متروك".
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ} (116)

المعنى { فتعالى الله } عن مقالتهم في جهته من الصاحبة والولد ومن حسابهم أنهم لا يرجعون ، أي تنزه الله عن تلك الأمور وتعالى عنها ، وقرأ ابن محيصن «الكريمُ » برفع صفة للرب .