فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ} (116)

ثم نزه سبحانه نفسه فقال :

{ فَتَعَالَى اللَّهُ } أي تنزه عن الأولاد والشركاء أو عن أن يخلق شيئا عبثا أو عن جميع ذلك وهو { الْمَلِكُ } الذي يحق له الملك على الإطلاق إيجادا وإعداما بدءا وإعادة وإحياء وإماتة وعقابا وإثابة ، وكل ما سواه مملوك له بالذات مقهور لملكوته مالك بالعرض من وجه دون وجه وفي حال دون حال { الْحَقُّ } في جميع أفعاله وأقواله وهذا استعظام له تعالى ولشؤونه .

{ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ } فكيف لا يكون إلها وربا لما هو دون العرش الكريم وما تحته من المخلوقات وما أحاط به من الموجودات كائنا ما كان ووصف العرش بالكريم لنزول القرآن أو الرحمة أو الخير منه أو باعتبار من استوى عليه كما يقال بيت كريم إذا كان ساكنوه كراما ، أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين من حيث أنه أعظم مخلوقاته وقرئ الكريم بالرفع على أنه نعت لرب .

أخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن السني في عمل اليوم والليلة وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن مصاب : أفحسبتم حتى ختم السورة فبرئ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بماذا قرأت في أذنه . فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( والذي نفسي بيده لو أن رجلا موقنا قرأ بها على جبل لزال ) .

وأخرج ابن السني وابن منده وأبو نعيم قال السيوطي بسند حسن عن إبراهيم التيمي قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وأمرنا أن نقول إذا أمسينا وأصبحنا ، أفحسبتم الخ فقرأناها فغنمنا وسلمنا ،