إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلۡمَلِكُ ٱلۡحَقُّۖ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡكَرِيمِ} (116)

{ فتعالى الله } استعظامٌ له تعالى ولشؤونِه التي تُصرَّفُ عليها عبادُه من البدءِ والإعادةِ والإثابةِ والعقابِ بموجب الحكمةِ البالغةِ أي ارتفعَ بذاتِه وتنزَّه عن مماثلةِ المخلوقينَ في ذاتِه وصفاتِه وأحوالِه وأفعالِه وعن خلوِّ أفعالِه عن الحكمِ والمصالحِ والغاياتِ الحميدةِ { الملك الحق } الذي يحقُّ له المُلكُ على الإطلاقِ إيجاداً وإعداماً بَدءاً وإعادة إحياءً وإماتةً عقاباً وإثابةً ، وكلُّ ما سواهُ مملوكٌ له مقهورٌ تحتَ ملكوتِه { لاَ إله إِلاَّ هُوَ } فإنَّ كلَّ ما عداهُ عبيدُه { رَبُّ العرش الكريم } فكيف بما تحتَهُ ومحاط به من الموجوداتِ كائناً ما كان . ووصفُه بالكرمِ إمَّا لأنَّه منه ينزلُ الوحيُ الذي منه القرآنُ الكريمُ أو الخيرُ والبركةُ والرحمةُ . أو لنسبته إلى أكرمِ الأكرمينَ وقرئ الكريمُ بالرَّفعِ على أنَّه صفةُ الرَّبِّ كما في قوله تعالى : { ذُو العرش المجيد } .