المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

15- إنما المؤمنون - حقاً - هم الذين آمنوا بالله ورسوله ، ثم لم يقع في قلوبهم شك فيما آمنوا به ، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في طريق طاعة الله ، أولئك هم - وحدهم - الذين صدقوا في إيمانهم .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

وقوله : { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ } أي : إنما المؤمنون الكُمَّل { الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا } أي : لم يشكوا ولا تزلزلوا ، بل ثبتوا {[27233]} على حال واحدة ، وهي التصديق المحض ، { وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } أي : وبذلوا مهجهم {[27234]} ونفائس أموالهم في طاعة الله ورضوانه ، { أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } أي : في قولهم إذا قالوا : " إنهم مؤمنون " ، لا كبعض الأعراب الذين ليس معهم من الدين إلا الكلمة الظاهرة .

وقال {[27235]} الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رِشْدين ، حدثني عمرو بن الحارث ، عن أبي السمح ، عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد {[27236]} قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء : [ الذين ] {[27237]} آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله . والذي يأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم . ثم الذي إذا أشرف على طمع تركه لله ، عز وجل " {[27238]} .


[27233]:- (1) في ت: "تثبتوا".
[27234]:- (2) في ت: "مهجتهم".
[27235]:- (3) في ت: "وروى".
[27236]:- (4) في ت: "أبي سعيد رضي الله عنه".
[27237]:- (5) زيادة من ت، أ، والمسند.
[27238]:- (6) المسند (3/8) وفي إسناده بن أبي السمح عن أبي الهيثم وهو ضعيف.
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

{ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا } لم يشكوا من ارتاب مطاوع رابه إذا أوقعه في الشك مع التهمة ، وفيه إشارة إلى ما أوجب نفي الإيمان عنهم ، و { ثم } للإشعار بأن اشتراط عدم الارتياب في اعتبار الإيمان ليس حال الإيمان فقط بل فيه وفيما يستقبل فهي كما في قوله : { ثم استقاموا } . { وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله } في طاعته والمجاهدة بالأموال والأنفس تصلح للعبادات المالية والبدنية بأسرها . { أولئك هم الصادقون } الذين صدقوا في ادعاء الإيمان .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

قوله تعالى : { إنما } في هذه الآية حاصرة يعطي ذلك المعنى . وقوله تعالى : { ثم لم يرتابوا } أي لم يشكوا في إيمانهم ولم يداخلهم ريب { وهم الصادقون } ، إذ جاء فعلهم مصدقاً لقولهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

هذا تعليل لقوله : { لم تؤمنوا } إلى قوله : { في قلوبكم } وهو من جملة ما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقوله للأعراب ، أي ليس المؤمنون إلا الذين آمنوا ولم يخالط إيمانهم ارتياب أو تشكك .

و ( إنما ) للحصر ، و ( إنّ ) التي هي جُزء منها مفيدة أيضاً للتعليل وقائمة مقام فاء التفريع ، أي إنما لم تكونوا مؤمنين لأن الإيمان ينافيه الارتياب .

والقصر إضافي ، أي المؤمنون الذين هذه صفاتهم غير هؤلاء الأعراب .

فأفاد أن هؤلاء الأعراب انتفى عنهم الإيمان لأنهم انتفى عنهم مجموع هذه الصفات .

وإذ قد كان القصر إضافياً لم يكن الغرض منه إلاّ إثبات الوصف لغير المقصور لإخراج المتحدث عنهم عن أن يكونوا مؤمنين ، وليس بمقتض أن حقيقة الإيمان لا تتقوم إلا بمجموع تلك الصفات لأن عد الجِهاد في سبيل الله مع صفتي الإيمان وانتفاء الريب فيه يمنع من ذَلك لأن الذي يقعُد عن الجهاد لا ينتفي عنه وصف الإيمان إذ لا يكفَّر المسلم بارتكاب الكبائر عند أهل الحق . وما عداه خطأ واضح ، وإلا لانتقضت جامعة الإسلام بأسرها إلا فئة قليلة في أوقات غير طويلة .

والمقصود من إدماج ذكر الجهاد التنويه بفضل المؤمنين المجاهدين وتحريض الذين دخلوا في الإيمان على الاستعداد إلى الجهاد كما في قوله تعالى : { قل للمخلفين من الأعراب ستُدْعَون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يُسلمون } الآية [ الفتح : 16 ] .

و ( ثم ) من قوله : { ثم لم يرتابوا } للتراخي الرتبي كشأنها في عطف الجمل . ففي ( ثم ) إشارة إلى أن انتفاء الارتياب في إيمانهم أهم رتبةً من الإيمان إذ به قوامُ الإيمان ، وهذا إيماء إلى بيان قوله : { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } [ الحجرات : 14 ] ، أي من أجل ما يخالجكم ارتياب في بعض ما آمنتم به مما اطلّع الله عليه .

وقوله : { أولئك هم الصادقون } قصر ، وهو قصر إضافي أيضاً ، أي هم الصادقون لا أنتم في قولكم { آمناً } .