فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

ثم لما ذكر سبحانه أن أولئك الذين قالوا آمنا لم يؤمنوا ولا دخل الإيمان في قلوبهم ، بيّن المؤمنين المستحقين لإطلاق اسم الإيمان عليهم ، فقال : { إِنَّمَا المؤمنون الذين ءامَنُواْ بالله وَرَسُولِهِ } يعني : إيماناً صحيحاً خالصاً عن مواطأة القلب واللسان { ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ } أي لم يدخل قلوبهم شيء من الريب ، ولا خالطهم شكّ من الشكوك { وجاهدوا بأموالهم وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ الله } أي في طاعته وابتغاء مرضاته ، ويدخل في الجهاد الأعمال الصالحة التي أمر الله بها ، فإنها من جملة ما يجاهد المرء به نفسه حتى يقوم به ويؤدّيه ، كما أمر الله سبحانه ، والإشارة بقوله : { أولئك } إلى الجامعين بين الأمور المذكورة وهو مبتدأ ، وخبره قوله : { هُمُ الصادقون } أي الصادقون في الاتصاف بصفة الإيمان والدخول في عداد أهله ، لا من عداهم ممن أظهر الإسلام بلسانه ، وادّعى أنه مؤمن ، ولم يطمئن بالإيمان قلبه ، ولا وصل إليه معناه ، ولا عمل بأعمال أهله ، وهم الأعراب الذين تقدّم ذكرهم ، وسائر أهل النفاق .

/خ18