تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

الآية 15 وقوله تعالى : { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون } كأن هذا ذكر مقابل ما تقدم من قول المنافقين حين{[19698]} قال : { قالت الأعراب آمنا } فقال له{[19699]} { قل لم تؤمنوا } أنتم { إنما المؤمنون } هؤلاء . ثم نعتهم ، فقال : { الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون } . أخبر أن هؤلاء هم الصادقون في إيمانهم ، وأنتم يا أهل النفاق بما{[19700]} أضمرتم الخلاف له ، ولم تجاهدوا معه ، فلستم بصادقين في إيمانكم . فجعل الجهاد دليل ظهور الصدق في الإيمان لأنه من شرائط الإيمان الذي لا يجوز الإيمان دونه{[19701]} .

ويحتمل { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله } أي صدّقوا الله ورسوله سرا وعلانية على الحقيقة ، لا الذين أظهروا [ الإيمان ]{[19702]} ولم تكن قلوبهم مصدِّقة لذلك كالمنافقين .

ألا ترى أنه قال : { ثم لم يرتابوا وجاهدوا } أي لم يشكّوا في حادث الوقت ، بل جاهدوا { بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله } إظهارا لتحقيق الإيمان وصدقه ، وليسوا كالمنافقين الذين ارتابوا ، وشكّوا في إيمانهم ، وتخلّفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ والله أعلم .


[19698]:في الأصل وم: حيث.
[19699]:في الأصل وم: لهم.
[19700]:في الأصل وم: بحيث.
[19701]:أدرج قبلها في الأصل وم: الذي.
[19702]:ساقطة من الأصل وم.