البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ} (15)

{ ثم لم يرتابوا } ، ثم تقتضي التراخي ، وانتفاء الريبة يجب أن يقارن الإيمان ، فقيل : من ترتيب الكلام لا من ترتيب الزمان ، أي ثم أقول لم يرتابوا .

وقيل : قد يخلص الإيمان ، ثم يعترضه ما يثلم إخلاصه ، فنفي ذلك ، فحصل التراخي ، أو أريد انتفاء الريبة في الأزمان المتراخية المتطاولة ، فحاله في ذلك كحاله في الزمان الأول الذي آمن فيه .

{ أولئك هم الصادقون } : أي في قولهم آمنا ، حيث طابقت ألسنتهم عقائدهم ، وظهرت ثمرة ذلك عليهم بالجهاد بالنفس والمال .

وفي سبيل الله يشمل جميع الطاعات البدنية والمالية ، وليسوا كأعراب بني أسد في قولهم آمنا ، وهم كاذبون في ذلك .