{ وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } أي : بحجة وشبهة { إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } أي : ولا يقولون قولا يعارضون به الحق ، إلا أجبناهم{[21514]} بما هو الحق في نفس الأمر ، وأبين وأوضح وأفصحُ من مقالتهم .
قال{[21515]} سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : { وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } أي : بما يلتمسون به عيب القرآن والرسول { إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } أي : إلا نزل جبريل مِنَ الله بجوابهم .
ثم في هذا اعتناء كبير ؛ لشرف الرسول ، صلوات الله وسلامه عليه{[21516]} ، حيث كان يأتيه الوحي من الله بالقرآن صباحا ومساء ، ليلا ونهارا ، سفرا وحضرا ، فكل مرة كان يأتيه الملك بالقرآن كإنزال كتاب مما قبله من الكتب المتقدمة ، فهذا المقام أعلى{[21517]} وأجلُّ ، وأعظم مكانة من سائر إخوانه من الأنبياء ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين . فالقرآن أشرف كتاب أنزله الله ، ومحمد ، صلوات الله وسلامه عليه ، أعظم نبي أرسله الله وقد جمع الله تعالى للقرآن الصفتين معا ، ففي الملأ الأعلى أنزل جملة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في سماء الدنيا{[21518]} ثم نزل بعد ذلك إلى الأرض منجما بحسب الوقائع والحوادث .
قال أبو عبد الرحمن النسائي : أخبرنا أحمد بن سليمان ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا داود ، عن عِكْرِمة ، عن ابن عباس قال : أنزل القرآن جملة إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة ، قال : { وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } ، وقوله { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنزلْنَاهُ تَنزيلا } [ الإسراء : 106 ]{[21519]} .
{ ولا يأتونك بمثل } سؤال عجيب كأنه مثل في البطلان يريدون به القدح في نبوتك . { إلا جئناك بالحق } الدامغ له في جوابه . { وأحسن تفسيرا } وبما هو أحسن بيانا أو معنى من سؤالهم ، أو { لا يأتونك } بحال عجيبة يقولون هلا كانت هذه حاله إلا أعطيناك من الأحوال ما يحق لك في حكمتنا وما هو أحسن كشفا لما بعثت له .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.