{ وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا32 ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا33 }
ولج الكافرون في مناوأتهم للقرآن ومن أنزل عليه فقالوا : هلا أنزل عليه الكتاب الذي يقول إنه وحي الله إليه – مرة واحدة بجملته كما أنزلت الكتب السابقة على رسل تقدموه مرة واحدة دون تفريق مثلما أنزلت التوراة على موسى والإنجيل على عسيى ، والزبور على داود ؟ فرد الله تعالى باطلهم ببيان جانب من حكمته سبحانه في تنزيل الذكر الحكيم متفرقا وليس جملة واحدة ، إنما أنزلناه هكذا لنثبت به فؤادك لتزداد يقينا أنك على الحق ، وتزداد صبرا على احتمال أذى الخلق ، وليكون أيسر عليك أن ينتقش في قلبك ورأسك آيات هذا الفرقان وبيانه ، وأيسر على أمتك أن يحفظوها ويكتبوها ويعوها وينفذوها ، ولو نزلت الآيات كلها جملة لشق عليهم أن ينهضوا بكل هذه الأمانات جملة واحدة ، وتبارك الحكيم العليم الرؤف الرحيم ، القائل وقوله الحق الكريم : " وقرآنا فرقناه لنقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا " {[2574]}ويقرؤه ويرتله عليك أمين وحينا جبريل ترتيلا محكما-{ ورتلناه ترتيلا } ، يقول شيئا بعد شيء{[2575]} .
ولايردون عليك الأقوال العجيبة التي هي كأمثال الجهال إلا نبأناك بما هو الحق المبين للرشد ، الكاشف للعمى والضلالة والغي ، كالذي حكاه القرآن من قبل منكر البعث وكيف تقوم عليه الحجة والبرهان : " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم . قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم . الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نار فإذا أنتم منه توقدون . أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم . إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون . فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون " . {[2576]} .
وهكذا شاء الله أن ينزل القرآن نجوما متفرقا{[2577]} حتى لا يوردوا زورا إلا أوحى تعالى إلى نبيه من الآيات ما يبطله ، وتتم كلمات ربنا صدقا وعدلا ، هذا يسير من كثير من حكم نزول الكتاب العزيز متفرقا وليس جملة واحدة .
مما نقل القرطبي : ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ ، ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور ، ففرقناه ليكون أوعى عند النبي صلى الله عليه وسلم ، وأيسر على العامل بها اه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.