محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَا يَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِيرًا} (33)

{ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ } أي بصفة عجيبة من باطلهم في قدح أو مقترح { إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ } أي الذي يقمع تلك الصفة . كما قال {[5893]} : { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه } { وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا } أي بيانا وهداية ، عناية بك وبما أرسلت من أجله ، وخذلانا لأعداء الحق وخصوم الرشاد .

تنبيه :

يذكر المفسرون ها هنا أن الآية رد على الكفرة في طلبهم نزول القرآن جملة ، كنزول بقية الكتب جملة . ويرون أن القول بنزول بقية الكتب دفعة صحيح ، فيأخذون لأجله في سر مفارقة التنزيل له . والحال أن القول بنزولها دفعة واحدة لا أصل له ، وليس عليه أثارة من علم ، ولا يصححه عقل . فإن تفريق الوحي وتمديد مدته بديهي الثبوت . لمقدار مكث النبي . إذ ما دام بين ظهراني قومه ، فالوحي يتوارد تنزله ضرورة . ومن راجع التوراة والإنجيل الموجودين ، يتجلى له ذلك واضحا لا مرية فيه . وعذر القائل به ظنه أن الآية تعريض بنزول غيره كذلك . وما كل كلام معرض به . وإنما الآية حكاية لاقتراح خاص ، وتعنت متفنن فيه . والله أعلم .


[5893]:(21 الأنبياء 18).