السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَا يَأۡتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئۡنَٰكَ بِٱلۡحَقِّ وَأَحۡسَنَ تَفۡسِيرًا} (33)

ولما كان التقدير قد بطل ما أتوا به من هذا الاعتراض عطف عليه : { ولا يأتونك } أي : يا أشرف الخلق أي : المشركون { بمثل } أي : باعتراض في إبطال أمرك يخيلون به لعقول الضعفاء يجتهدون في تنميقه وتحسينه وتدقيقه حتى يصير عندهم في غاية الحسن والرشاقة لفظاً ومعنى { إلا جئناك } في جوابه { بالحق } أي : الذي لا محيد عنه ، فيزهق ما أتوا به لبطلانه ، فسمى ما يوردون من الشبه مثلاً ، وسمى ما يدفع به الشبه حقاً { وأحسن } أي : من مثلهم { تفسيراً } أي : بياناً وتفصيلاً ، ولما كان التفسير هو التكشيف عما يدل عليه الكلام وضع موضع معناه ، فقالوا : تفسير هذا الكلام كيت وكيت كما قيل : معناه كذا وكذا ، أو لا يأتونك بحال وصفة عجيبة يقولون : هلا كانت هذه صفتك وحالك ؟ نحو أن يقرن بك ملك ينذر معك أو يلقي إليك كنز ، أو تكون لك جنة ، أو ينزل عليك القرآن جملة واحدة إلا أعطيناك نحن من الأحوال ما يحق لك في حكمتنا ومشيئتنا أن تعطاه وما هو أحسن تكشيفاً لما بعثت عليه ودلالة على صحته .