قال الله تعالى : { كَذَلِكَ الْعَذَابُ } أي : هكذا عذاب من خالف أمر الله ، وبخل بما آتاه الله وأنعم به عليه ، ومنع حق المسكين والفقراء{[29197]} وذوي الحاجات ، وبدل نعمة الله كفرا { وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } أي : هذه عقوبة الدنيا كما سمعتم ، وعذاب الآخرة أشق . وقد ورد في حديث رواه الحافظ البيهقي من طريق جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، عن أبيه ، عن جده ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجداد{[29198]} بالليل ، والحصاد بالليل{[29199]} .
قوله تعالى ذكره كَذلكَ العَذَابُ يقول جلّ ثناؤه : كفعلنا بجنة أصحاب الجنة ، إذ أصبحت كالصريم بالذي أرسلنا عليها من البلاء والاَفة المفسدة ، فعلنا بمن خالف أمرنا وكفر برسلنا في عاجل الدنيا ، وَلَعَذَابُ الاَخِرَة أكْبَرُ يعني عقوبة الاَخرة بمن عصى ربه وكفر به ، أكبر يوم القيامة من عقوبة الدنيا وعذابها . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : كَذَلكَ العَذَابُ وَلَعَذَابُ الاَخِرَةِ أكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ يعني بذلك عذاب الدنيا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال : الله : كَذَلكَ العَذَابُ : أي عقوبة الدنيا وَلَعَذَابُ الاَخِرَةِ أكْبَرُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : كَذَلكَ العَذَابُ قال : عذاب الدنيا : هلاك أموالهم : أي عقوبة الدينا .
وقوله : لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ يقول : لو كان هؤلاء المشركون يعلمون أن عقوبة الله لأهل الشرك به أكبر من عقوبته لهم في الدنيا ، لارتدعوا وتابوا وأنابوا ، ولكنهم بذلك جهال لا يعلمون .
وقوله تعالى : { كذلك العذاب } ابتداء مخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم في أمر قريش ، والإشارة بذلك إلى العذاب الذي نزل بالجنة ، أي ذلك العذاب ، هو العذاب الذي ينزل بقريش بغتة ، ثم عذاب الآخرة بعد ذلك أشد عليهم من عذاب الدنيا ، وقال كثير من المفسرين : العذاب النازل بقريش المماثل لأمر الجنة هو الجدب الذي أصابهم سبع سنين ، حتى رأوا الدخان وأكلوا الجلود .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.