السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (33)

ولما كان المقام لترهيب من ركن إلى ماله واحتقر الضعفاء من عباد الله تعالى ولم يجلهم بجلاله طوى ذكر ما أنعم به عليهم وذكر ما يخوفهم ، فقال تعالى مرهباً : { كذلك } أي : مثل هذا الذي بلونا به أصحاب الجنة من إهلاك ما كان عند أنفسهم في غاية القدرة عليه والثقة به مع الاستحسان لفعلهم والاستصواب ، وهددنا به أهل مكة فلم يبادروا إلى المتاب . { العذاب } أي : الذي نحذرهم منه ونخوفهم به في الدنيا ، فإذا تم الأجل الذي قدرناه له أخذناهم به غير مستعجلين ولا مفرطين لأنه لا يعجل إلا ناقص يخاف الفوت { ولعذاب الآخرة } أي : الذي يكون فيها للعصاة { أكبر } أي : من كل ما يتوهمون { لو كانوا } أي : الكفار { يعلمون } أي : لو كان لهم علم بشيء من غرائزهم في وقت من الأوقات لرجعوا عما هم فيه .