البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كَذَٰلِكَ ٱلۡعَذَابُۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَكۡبَرُۚ لَوۡ كَانُواْ يَعۡلَمُونَ} (33)

{ كذلك العذاب } : هذا خطاب للرسول صلى الله عليه وسلم في أمر قريش .

قال ابن عطية : والإشارة بذلك إلى العذاب الذي نزل بالجنة ، أي { كذلك العذاب } : أي الذي نزل بقريش بغتة ، ثم عذاب الآخرة بعد ذلك أشد عليهم من عذاب الدنيا .

وقال كثير من المفسرين : العذاب النازل بقريش الممائل لأمر الجنة هو الجدب الذي أصابهم سبع سنين حتى رأوا الدخان وأكلوا الجلود . انتهى .

وقال الزمخشري : مثل ذلك العذاب الذي بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة عذاب الدنيا .

{ ولعذاب الآخرة } أشد وأعظم منه . انتهى .

وتشبيه بلاء قريش ببلاء أصحاب الجنة هو أن أصحاب الجنة عزموا على الانتفاع بثمرها وحرمان المساكين ، فقلب الله تعالى عليهم وحرمهم .

وأن قريشاً حين خرجوا إلى بدر حلفوا على قتل الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فإذا فعلوا ذلك رجعوا إلى مكة وطافوا بالكعبة وشربوا الخمور ، فقلب الله عليهم بأن قتلوا وأسروا .

ولما عذبهم بذلك في الدنيا قال : { ولعذاب الآخرة أكبر } .