وقوله : { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ } قال مجاهد : وحلائلهم { فِي ظِلالٍ } أي : في ظلال الأشجار { عَلَى الأرَائِكِ مُتَّكِئُونَ } .
قال ابن عباس ، ومجاهد وعكرمة ، ومحمد بن كعب ، والحسن ، وقتادة ، والسُّدِّيّ ، وخُصَيْف{[24780]} : { الأرَائِكِ } هي السرر تحت الحجال .
قلت : نظيره في الدنيا هذه التخوت{[24781]} تحت البشاخين ، والله أعلم .
القول في تأويل قوله تعالى : { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى الأرَآئِكِ مُتّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مّا يَدّعُونَ * سَلاَمٌ قَوْلاً مّن رّبّ رّحِيمٍ } .
يعني تعالى بقوله : هُمُ أصحاب الجنة وأزْوَاجُهُمْ من أهل الجنة في الجنة ، كما :
حدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : هُمْ وأزْوَاجُهُمْ في ظِلالٍ قال : حلائلهم في ظُلَل .
واختلفت القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأه بعضهم : «فِي ظُلَلٍ » بمعنى : جمع ظلة ، كما تُجمع الْحُلة حُللاً . وقرأه آخرون : فِي ظِلالٍ وإذا قرىء ذلك كذلك كان له وجهان : أحدهما أن يكون مُرادا به جمع الظّلَل الذي هو بمعنى الكِنّ ، فيكون معنى الكلمة حينئذٍ : هم وأزواجهم في كنّ لا يضْحَوْن لشمس كما يَضْحَى لها أهلُ الدنيا ، لأنه لا شمس فيها . والاَخر : أن يكون مرادا به جمع ظلة ، فيكون وجه جمعها كذلك نظير جمعهم الحلة في الكثرة : الخِلال ، والقُلّة : قِلال .
وقوله : عَلى الأرَائِكِ مُتّكِئُونَ والأرائك : هي الحِجال فيها السُرر والفُرُش : واحدتها أريكة ، وكان بعضهم يزعم أن كلّ فِراش فأريكة ، ويستشهد لقوله ذلك بقول ذي الرمة :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** كأنّما تُباشِرْنَ بالمَعزاءِ مَسّ الأَرَائِكِ
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا حُصَيْن ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : عَلى الأَرَائِكِ مُتّكِئِونَ قال : هي السّرُر في الحِجال .
حدثنا هناد ، قال : حدثنا أبو الأحوص ، عن حصين ، عن مجاهد ، في قول الله : عَلى الأرَائِكِ مُتّكِئُونَ قال : الأرائك : السّرر عليها الحِجال .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا حصين ، عن مجاهد ، في قوله : مُتّكِئِينَ عَلى الأرَائِكِ قال : الأرائك : السّرُر في الحِجال .
حدثنا أبو السائب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، قال : أخبرنا حُصَيْن ، عن مجاهد ، في قوله : عَلى الأرَائك قال : سُرُر عليها الحِجال .
حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا المعتمر ، عن أبيه ، قال : زعم محمد أن عكرمة قال : الأرائك : السّرُر في الحِجال .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن عُلَية ، عن أبي رجاء ، قال : سمعت الحسن ، وسأله رجل عن الأرائك قال : هي الحجال . أهل اليمن يقولون : أريكة فلان . وسمعت عكرمة وسئل عنها فقال : هي الحجال على السّرُر .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة على الأرائِكِ مُتّكِئُونَ قال : هي الحِجال فيها السرر .
{ هم وأزواجهم في ظلال } جمع ظل كشعاب أو ظلة كقباب ويؤيده قراءة حمزة والكسائي في " ظلل " . { على الأرائك } على السرر المزينة . { متكئون } و { هم } مبدأ خبره { في ظلال } ، و { على الأرائك } جملة مستأنفة أو خبر ثان أو { متكئون } والجاران صلتان له ، أو تأكيد للضمير في شغل أو في فاكهون ، وعلى الأرائك متكون خبر آخر لأن وأزواجهم عطف على { هم } للمشاركة في الأحكام الثلاثة ، و { في ظلال } حال من المعطوف والمعطوف عليه .
وقوله تعالى : { هم } ابتداء و { أزواجهم } و { في ظلال } خبره ويحتمل أن يكون { هم } بدلاً من قوله { فاكهون } ويكون قوله { في ظلال } في موضع الحال كأنه قال مستظلين ، وقرأ جمهور القراء «في ظلال » وهو جمع ظل إذ الجنة لا شمس فيها وإنما هواؤها سجسج{[9798]} كوقت الأسفار قبل طلوع الشمس ، ويحتمل قوله { في ظلال } أن يكون جمع ظلة قال أبو علي كبرمة وبرام وغير ذلك ، وقال منذر بن سعيد : { ظلال } جمع ظلة بكسر الظاء .
قال القاضي أبو محمد : وهي لغة في ظلة ، وقرأ حمزة والكسائي «في ظلل » وهي جمع ظلة وهي قراءة طلحة وعبد الله وأبي عبد الرحمن ، وهذه عبارة عن الملابس والمراتب من الحجال والستور ونحوها من الأشياء التي تظل ، وهي زينة ، و { الأرائك } السرر المفروشة ، قال بعض الناس : من شروطها أن تكون عليها حجلة{[9799]} وإلا فليست بأريكة ، وبذلك قيدها ابن عباس ومجاهد والحسن وعكرمة ، وقال بعضهم : الأريكة السرير كان عليه حجلة أو لم يكن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.