المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ} (29)

29- قال فرعون لموسى : لئن اتخذت إلهاً غيري لأجعلنك واحداً ممن عرفت سوء حالهم في سجوني ، وقد لجأ إلي تهديده بهذا بعد أن يئس من رفع آثار صنع الخالق .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ} (29)

ولهذا لما غُلب فرعون وانقطعت حجته ، عدل إلى استعمال جاهه وقوته وسلطانه ، واعتقد أن ذلك نافع له ونافذ في موسى ، عليه السلام ، فقال ما أخبر الله تعالى عنه :{قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ} لما قامت على فرعون الحجة بالبيان والعقل ، عدل إلى أن يقهر موسى بيده وسلطانه ، وظن أنه ليس وراء هذا المقام مقال{[21709]} فقال : { لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ } .


[21709]:- في هـ : "مقام" والمثبت من ف ، أ.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ} (29)

القول في تأويل قوله تعالى : { قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلاَ تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبّكُمْ وَرَبّ آبَآئِكُمُ الأوّلِينَ * قَالَ إِنّ رَسُولَكُمُ الّذِيَ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ * قَالَ لَئِنِ اتّخَذْتَ إِلََهَاً غَيْرِي لأجْعَلَنّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ } .

يعني تعالى ذكره بقوله قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ ألا تَسْتَمِعُونَ قال فرعون لمن حوله من قوله : ألا تستمعون لما يقول موسى ، فأخبر موسى عليه السلام القوم بالجواب عن مسئلة فرعون إياه وقيله له وَما رَبّ العالَمِينَ ليفهم بذلك قوم فرعون مقالته لفرعون ، وجوابه إياه عما سأله ، إذ قال لهم فرعون ألا تَسْتَمِعُونَ إلى قول موسى ، فقال لهم الذي دعوته إليه وإلى عبادته رَبّكُمْ الذي خلقكم وَرَبّ آبائِكُمُ الأوّلينَ فقال فرعون لما قال لهم موسى ذلك ، وأخبرهم عما يدعو إليه فرعون وقومه : إنّ رَسُولَكُمُ الّذِي أُرْسِلَ إلَيْكُمْ لَمَجْنُون يقول : إن رسولكم هذا الذي يزعم أنه أرسل إليكم لمغلوب على عقله ، لأنه يقول قولاً لا نعرفه ولا نفهمه ، وإنما قال ذلك ونسب موسى عدوّ الله إلى الجِنّة ، لأنه كان عنده وعند قومه أنه لا ربّ غيره يعبد ، وأن الذي يدعوه إليه موسى باطل ليست له حقيقة ، فقال موسى عند ذلك محتجا عليهم ، ومعرّفهم ربهم بصفته وأدلته ، إذ كان عند قوم فرعون أن الذي يعرفونه ربا لهم في ذلك الوقت هو فرعون ، وأن الذي يعرفونه لاَبائهم أربابا ملوك أخر ، كانوا قبل فرعون ، قد مضوا فلم يكن عندهم أن موسى أخبرهم بشيء له معنى يفهمونه ولا يعقلونه ، ولذلك قال لهم فرعون : إنه مجنون ، لأن كلامه كان عندهم كلاما لا يعقلون معناه : الذي أدعوكم وفرعون إلى عبادته رب المشرق والمغرب وما بينهما يعني ملك مشرق الشمس ومغربها ، وما بينهما من شيء لا إلى عبادة ملوك مصر الذين كانوا ملوكها قبل فرعون لاَبائكم فمضوا ، ولا إلى عبادة فرعون الذي هو ملكها إنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ يقول : إن كان لكم عقول تعقلون بها ما يقال لكم ، وتفهمون بها ما تسمعون مما يعين لكم . فلما أخبرهم عليه السلام بالأمر الذي علموا أنه الحق الواضح ، إذ كان فرعون ومن قبله من ملوك مصر لم يجاوز ملكهم عريش مصر ، وتبين لفرعون ومن حوله من قومه أن الذي يدعوهم موسى إلى عبادته ، هو الملك الذي يملك الملوك . قال فرعون حينئذ استكبارا عن الحقّ ، وتماديا في الغيّ لموسى : لَئنِ اتّخَذْتَ آلها غَيْرِي يقول : لئن أقررت بمعبود سواي لأَجْعَلَنّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ يقول : لأسجننك مع من في السجن من أهله .