فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذۡتَ إِلَٰهًا غَيۡرِي لَأَجۡعَلَنَّكَ مِنَ ٱلۡمَسۡجُونِينَ} (29)

{ قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ } أي : من أهل السجن ، واللام للعهد ، أي ممن عرفت حالهم في سجوني . وكان سجن فرعون أشد من القتل ، لأنه إذا سجن أحدا لم يخرجه حتى يموت ، وكان يطرحه في هوة عميقة في مكان تحت الأرض وحده . ولذلك ( أجعل ) أبلغ من ( لأسجننك ) فتوعد موسى بالسجن ، ولم يقل ما دليلك على أن هذا الإله أرسلك ، لأن فيه الاعتراف بأن ثمة إلها غيره ، وفي توعده بالسجن ضعف ، لما يروى أنه كان يفزع من موسى فزعا شديدا ، حتى كان اللعين لا يمسك بوله فلما سمع موسى عليه الصلاة والسلام ذلك لاطفه طمعا في إجابته ، وإرخاء لعنان المناظرة معه ، مريدا لقهره بالحجة المعتبرة في باب النبوة ، وهي إظهار المعجزة ، فعرض له على وجه يلجئه إلى طلب المعجزة .