المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩} (206)

206- إن الذين هم قريبون من ربك بالتشريف والتكريم ، لا يستكبرون عن عبادته ، وينزهونه عما لا يليق به ، وله يخضعون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩} (206)

199

ثم يضرب الله مثلاً بالذين عنده من الملائكة المقربين : الذين لا ينزغ في أنفسهم شيطان ، فليس له في تركيب طبيعتهم مكان ! ولا تستبد بهم نزوة ، ولا تغلبهم شهوة . ومع هذا فهم دائبون على تسبيح الله وذكره ، لا يستكبرون عن عبادته ولا يقصرون . وللإنسان أحوج منهم إلى الذكر والعبادة والتسبيح . وطريقه شاق ! وطبيعته قابلة لنزغ الشيطان ! وقابلة للغفلة المردية ! وجهده محدود . لولا هذا الزاد في الطريق الكؤود :

( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته . ويسبحونه . وله يسجدون ) . .

إن العبادة والذكر عنصر أساسي في منهج هذا الدين . . إنه ليس منهج معرفة نظرية . وجدل لاهوتي . إنه منهج حركة واقعية لتغيير الواقع البشري . وللواقع البشري جذوره وركائزه في نفوس الناس وفي أوضاعهم سواء . وتغيير هذا الواقع الجاهلي إلى الواقع الرباني الذي يريده الله للناس وفق منهجه مسألة شاقة عسيرة ؛ تحتاج إلى جهد طويل ، وإلى صبر عميق . وطاقة صاحب الدعوة محدودة . ولا قبل له بمواجهة هذه المشقة دون زاد يستمده من ربه . إنه ليس العلم وحده ، وليست المعرفة وحدها . إنما هي العبادة لله والاستمداد منه . . هي الزاد ، وهي السند ، وهي العون ؛ في الطريق الشاق الطويل !

ومن ثم هذا التوجيه الأخير في السورة التي بدأت بقول الله سبحانه لرسوله الكريم ، ( كتاب أنزل إليك فلا يكن في صدرك حرج منه ، لتنذر به ، وذكرى للمؤمنين ) . . والتي تضمن سياقها عرض موكب الإيمان ، بقيادة الرهط الكريم من رسل الله الكرام ؛ وما يعترض طريقه من كيد الشيطان الرجيم ؛ ومن مكر شياطين الجن والإنس ؛ ومن معارضة المتجبرين في الأرض ، وحرب الطواغيت المتسلطين على رقاب العباد .

إنه زاد الطريق . وعدة الموكب الكريم في هذا الطريق . .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِهِۦ وَيُسَبِّحُونَهُۥ وَلَهُۥ يَسۡجُدُونَۤ۩} (206)

وقوله { الذين } يريد الملائكة ، وقوله { عند } إنما يريد في المنزلة والتشريف والقرب في المكانة لا في المكان ، فهم بذلك عنده ، ثم وصف تعالى حالهم من تواضعهم وإدمانهم للعبادة والتسبيح والسجود ، وفي الحديث : «أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك قائم أو راكع أو ساجد » وهذا موضع سجدة ، قال النخعي في كتاب النقاش : إن شئت ركعت وإن شئت سجدت .