المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

3 - وما يصدر نطقه فيما يتكلم به من القرآن عن هوى نفسه

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

ولا ناطق عن الهوى فيما يبلغكم من الرسالة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

{ وما ينطق عن الهوى } وما يصدر نطقه بالقرآن عن الهوى .

 
لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

قوله جلّ ذكره : { وَمَا ينطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وحيٌ يُوحَى } .

أي ما ينطق بالهوى ، وما هذا القرآنُ إلا وحيٌ يُوحَى . وفي هذا أيضاً تخصيصٌ له بالشهادة ؛ إذ قال لداود : { فَاحْكُم بَيْنَ النَّاس بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى } [ ص : 26 ] .

وقال في صفة نبيِّنا صلى الله عليه وسلم : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } .

{ ومتى ينطق عن الهوى } وهو في محل النجوى ؟ في الظاهر مزمومٌ بزمام التقوى ، وفي السرائر في إيواء المولى ، مُصَفَّى عن كدورات البشرية ، مُرَقَّى إلى شهود الأَحَدِية ، مُكاشَفٌ بجلالِ الصمدية ، مُخْتَطفٌ عنه بالكُلِّيَّة ، لم تبقَ منه إلا للحقِّ بالحقِّ بقية . . . ومَنْ كان بهذا النعت . . . متى ينطق عن الهوى ؟

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

إثبات النبوة وظاهرة الوحي

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى ( 1 ) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى ( 2 ) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ( 3 ) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى ( 4 ) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ( 5 ) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى ( 6 ) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ( 7 ) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى ( 8 ) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى ( 9 ) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ( 10 ) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ( 11 ) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى ( 12 ) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى ( 13 ) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ( 14 ) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ( 15 ) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ( 16 ) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ( 17 ) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ( 18 ) }

1

المفردات :

هوى : سقط وغرب ، أو نزل .

ما ضلّ : ما حاد عن الطريق المستقيم .

صاحبكم : محمد صلى الله عليه وسلم .

وما غوى : ما اعتقد باطلا ، والخطاب في هذا لقريش .

وما ينطق عن الهوى : ما يتكلم بالباطل .

التفسير :

1 ، 2 ، 3 ، 4- { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } .

يقسم الله تعالى بالنجم الذي يُهتدى به في ظلمات البر والبحر .

وللنجوم فوائد ثلاث :

( أ‌ ) زينة للسماء .

( ب‌ ) رجوم للشياطين .

( ت‌ ) هداية للسائرين .

والنجوم عالم كبير متحرك ، له مسارات منتظمة لا تصطدم ببعضها ، بل تسير بحكمة الله وقدرته الذي يمسك بنظام هذا الكون .

قال تعالى : { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ *فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ } . ( الواقعة : 75-80 )

يقسم الله بالنجوم عند إدبارها آخر الليل ، أو بالنجم الذي يهوي شهابا ثاقبا فيقتل الشياطين أو يخبلها .

وكانت الشياطين ترصّ بعضها فوق بعض ، حتى يكون آخر شيطان يستطيع أن يتسمَّع إلى كلام الملائكة ، فيسترق السمع ، ويخبر به الكهَّان ، فيكذب الكاهن مع هذا الأمر مائة كذبة ، فلما أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم شُدَّت الحراسة على السماء ، فمن حاول استماع الغيب أصابه شهاب ثاقب ( نجم يهوى ) فيقتله أو يخبله ، فلما أخبرت الجنّ رئيسها بذلك ، قال لهم : انطلقوا في الأرض فانظروا ما حدث فيها ، فانطلقت طائفة إلى مكة ، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما ببطن نخلة يقرأ القرآن ، وقد وردت هذه المعاني في صدر سورة الجن ، وفي حديث نبوي شريف بالجامع الصحيح للإمام البخاري .

وفي أول سورة الجن يقول تعالى : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا } . ( الجن : 1-2 ) .

وفي الآيتين ( 8-9 ) من سورة الجن يقول الله تعالى : { وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا } . ( الجن : 8-9 )

عود إلى التفسير

أقسم الله تعالى بالنجم الذي يهوى شهابا ثاقبا ، وسهما مصيبا يقتل الجنّي أو يخبله ، أو أقسم بالنجوم عند إدبارها في آخر الليل ، أو أقسم بنجم الشعرى ، وكان بعض العرب يعبده ، وكان قدماء المصريين يوقنون فيضان النيل ، بعبور الشّعرى بالفلك الأعلى ، ويرصدونه من أجل ذلك ، ويرقبون حركاته ، وللشّعرى في شأن أساطير الفرس وأساطير العرب على السواء .

وقيل : أقسم الله بالثّريا ، وقيل : أقسم بجنس النجم الذي له هذه الصفات الجليلة ، والحركة المنتظمة .

{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } . ما بعُد محمد صلى الله عليه وسلم عن الحقّ ، وما غاب عن الهدى .

{ وما غوى } : وما خاب ولا انخرط في سلك الجهال الضالين ، بل هو راشد مهتد ، يحمل النّور والهدى ، كما يحمل النجم الضوء للسّارين ، وإن جبريل لينزل عليه في سرعة النجم إذا هوى .

{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } : إن كلامه وحديثه وأقواله لا تصدر عن هوى وغرض .

{ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } .

إن ما ينطق به محمد صلى الله عليه وسلم هو وحي السماء ، هو القرآن الكريم الذي ينقله جبريل عن الله عز وجل ، ثم يتلقاه النبي صلى الله عليه وسلم عن جبريل بواسطة الوحي .

وقد قال صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه ، حيث كان يرغب في كتابة أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم : " اكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق " .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

{ وما ينطق عن الهوى } أي لا يصدر نطقه فيما يأتيكم به عن هوى نفسه ورأيه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

وما ينطِق عن الهوى : وما يقول عن هوى نفسه .

ولا يتكلّم إلا بوحيٍ من الله تعالى .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

{ وَمَا يَنطِقُ } أي النبي صلى الله عليه وسلم لتقدم ذكره في قوله سبحانه : { صاحبكم } [ النجم : 2 ] والنطق مضمن معنى الصدور فلذا عدى بعن في قوله تعالى : { عَنِ الهوى } وقيل : هي بمعنى الباء وليس بذاك أي ما يصدر نطقه فيما آتاكم به من جهته عز وجل كالقرآن ، أو من القرآن عن هوى نفسه ورأيه أصلاً فإن المراد استمرار النفي كما مر مراراً في نظائره .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

شرح الكلمات :

{ وما ينطق عن الهوى } : أي عن هوى نفسه أي ما يقوله عن الله تعالى لم يصدر فيه عن هوى نفسه .

المعنى :

وما ينطق بالقرآن وغيره مما يقوله ويدعو إليه عن هوى نفسه كما قد يقع من غيره من البشر .

/ذ18

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

{ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي : ليس نطقه صادرا عن هوى نفسه

 
التفسير الميسر لمجموعة من العلماء - التفسير الميسر [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

وليس نطقه صادرًا عن هوى نفسه .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

{ وما ينطق عن الهوى }

{ وما ينطق } بما يأتيكم به { عن الهوى } هوى نفسه .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

قوله تعالى : { ما ينطق عن الهوى } يعني : بالهوى يريد لا يتكلم بالباطل ، وذلك أنهم قالوا : إن محمداً صلى الله عليه وسلم يقول القرآن من تلقاء نفسه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

وقوله - سبحانه - : { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غوى وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى } . جواب القسم . و " ما " نافية . و " ضل " من الضلال ، والمراد به هنا : عدم الاهتداء إلى الحق ، وإلى الطريق المستقيم .

و " غوى " من الغى ، وهو الجهل الناشىء من اعتقاد فاسد ، وهو ضد الرشد .

و " الهوى " الميل مع شهوات النفس ، دون التقيد بما يقتضيه الحق ، أو العقل السليم .

والمعنى : وحق النجم الذى ترونه بأعينكم - أيها المشركون - عند غربوه وأفوله ، وعند رجمنا به للشياطين . . . إن محمدا - صلى الله عليه وسلم - الذى أرسلناه إليكم - { إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } ما ضل عن طريق الحق فى أقواله وأفعاله ، وما كان رأيه مجانبا للصواب فى أمر من الأمور ، وما ينطق بنطق صادر عن هوى نفسه ورأيه ، وإنما ينطق بما نوحيه إليه من قرآن كريم ، ومن قول حيكم ، ومن توجيه سديد .

وقد أقسم - سبحانه - بالنجم عند غروبه ، للإشعار بأن هذا المخلوق العظيم مسخر لإرادة الله - تعالى - وقدرته فهو مع لمعانه وظهوره فى السماء لا يتأبى عن الغروب والأفول ، إذا ما أراد الله - تعالى - له ذلك ، ولا يصلح أن يكون إلها ، لأنه خاضع لإرادة خالقه .

ولقد حكى - سبحانه - عن نبيه إبراهيم أنه حين { جَنَّ عَلَيْهِ الليل رَأَى كَوْكَباً قَالَ هذا رَبِّي فَلَمَّآ أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفلين } قال بعض العلماء : والوجه أن يكون قوله : { إِذَا هوى } بدل اشتمال من النجم ، لأن المراد من النجم أحواله الدالة على قدرة خالقه ومصرفه ، ومن أعظم أحواله حال هويّه وسقوطه ، ويكون " إذا " اسم زمان مجردا عن معنى الظرفية ، فى محل جر بحرف القسم . .

وقال - سبحانه - : { صَاحِبُكُمْ } للإشارة إلى ملازمته صلى الله عليه وسلم - لهم ، طوال أربعين سنة قبل البعثة ، وأنهم فى تلك المدة الطويلة لم يشاهدوا منه إلا الصدق ، والأمانة ، والعقل الراجح ، والقول السديد . . . وأنهم لم يخف عليهم حاله بل كانوا مصاحبين له ، ومطلعين على سلوكه بينهم ، فقولهم بعد بعثته - صلى الله عليه وسلم - إنه ساحر أو مجنون . . . هو نوع من كذبهم البين ، وجهلهم المطبق . .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

قوله : { وما ينطق عن الهوى } يعني ما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وما ينطق} محمد هذا القرآن {عن الهوى} من تلقاء نفسه...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه.

{إن هو إلا وحي يوحى} يقول: ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه...

وقيل: عنى بقوله {وما ينطق عن الهوى} بالهوى.

أحكام القرآن للجصاص 370 هـ :

{وَمَا يَنْطِقُ عِنِ الهَوَى} يحتجّ به من لا يجيز أن يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم في الحوادث من جهة اجتهاد الرأي، بقوله: {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى}. وليس كما ظنوا؛ لأن اجتهاد الرأي إذا صدر عن الوحي جاز أن ينسب موجبه وما أدّى إليه أنه عن وحي.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

أحدهما: وما ينطق عن هواه، وهو ينطق عن أمر الله، قاله قتادة.

الثاني: ما ينطق بالهوى والشهوة، إن هو إلا وحي يوحى بأمر ونهي من الله تعالى له...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والمعنى إنه لا يتكلم في القرآن وما يؤديه إليكم عن الهوى الذي هو ميل الطبع.

...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

ويمكن أن يقال {وما ينطق عن الهوى} دليل على أنه ما ضل وما غوى، تقديره: كيف يضل أو يغوى وهو لا ينطق عن الهوى، وإنما يضل من يتبع الهوى، ويدل عليه قوله تعالى: {ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله} فإن قيل ما ذكرت من الترتيب الأول على صيغة الماضي في قوله {ما ضل} وصيغة المستقبل في قوله {وما ينطق} في غاية الحسن، أي ما ضل حين اعتزلكم وما تعبدون في صغره {وما غوى} حين اختلى بنفسه ورأى منامه ما رأى {وما ينطق عن الهوى} الآن حيث أرسل إليكم وجعل رسولا شاهدا عليكم، فلم يكن أولا ضالا ولا غاويا، وصار الآن منقذا من الضلالة ومرشدا وهاديا. وأما على ما ذكرت أن تقديره كيف يضل وهو لا ينطق عن الهوى فلا توافقه الصيغة؟ نقول بلى، وبيانه أن الله تعالى يصون من يريد إرساله في صغره عن الكفر، والمعايب القبيحة كالسرقة والزنا واعتياد الكذب، فقال تعالى: {ما ضل} في صغره، لأنه لا ينطق عن الهوى، وأحسن ما يقال في تفسير {الهوى} أنها المحبة، لكن من النفس يقال هويته بمعنى أحببته لكن الحروف التي في هوى تدل على الدنو والنزول والسقوط ومنه الهاوية، فالنفس إذا كانت دنيئة، وتركت المعالي وتعلقت بالسفاسف فقد هوت فاختص الهوى بالنفس الأمارة بالسوء، ولو قلت أهواه بقلبي لزال ما فيه من السفالة، لكن الاستعمال بعد استبعاد استعمال القرآن حيث لم يستعمل الهوى إلا في المواضع الذي يخالف المحبة، فإنها مستعملة في موضع المدح، والذي يدل على ما ذكرنا قوله تعالى: {فأما من طغى وءاثر الحياة الدنيا} إلى قوله {ونهى النفس عن الهوى} إشارة إلى علو مرتبة النفس.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

وفيها أيضا دلالة على أن السنة كالوحي المنزل في العمل...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{وما ينطق} أي يجاوز نطقه فمه في وقت من الأوقات لا في الحال ولا في الاستقبال، نطقاً ناشئاً {عن الهوى} أي من أمره كالكهان الذين يغلب كذبهم صدقهم والشعراء وغيرهم، وما تقَوَّل هذا القرآن من عند نفسه.

فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني 1250 هـ :

وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى} أي ما يصدر نطقه عن الهوى لا بالقرآن ولا بغيره، فعن على بابها...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وعُطف على جواب القسم {ما ينطق عن الهوى} وهذا وصف كمال لذاته. والكلام الذي ينطق به هو القرآن لأنهم قالوا فيه: {إن هذا إلا إفك افتراه} [الفرقان: 4] وقالوا: {أساطير الأولين اكتتبها} [الفرقان: 5] وذلك ونحوه لا يعدُو أن يكون اختراعه أو اختياره عن محبة لما يُخترع وما يُختار بقطع النظر عن كونه حقاً أو باطلاً، فإن من الشعر حكمة، ومنه حكاية واقعات، ومنه تخيلات ومفتريات. وكله ناشئ عن محبة الشاعر أن يقول ذلك، فأراهم الله أن القرآن داع إلى الخير. و {ما} نافية نفت أن ينطق عن الهوى. والهوى: ميل النفس إلى ما تحبه أو تحب أن تفعله دون أن يقتضيه العقل السليم الحكيم، ولذلك يختلف الناس في الهوى ولا يَختلفون في الحق، وقد يحب المرء الحق والصواب. فالمراد بالهوى إذا أطلق أنه الهوى المجرد عن الدليل. ونفي النطق عن هَوى يقتضي نفي جنس ما يَنْطق به عن الاتصاف بالصدور عن هوى سواء كان القرآن أو غيره من الإِرشاد النبوي بالتعليم والخطابة والموعظة والحكمة، ولكن القرآن هو المقصود لأنه سبب هذا الرد عليهم. واعلم أن تنزيهه صلى الله عليه وسلم عن النطق عن هوى يقتضي التنزيه عن أن يفعل أو يحكم عن هوى لأن التنزه عن النطق عن هوى أعظم مراتب الحكمة. ولذلك ورد في صفة النبي صلى الله عليه وسلم « أنه يمزح ولا يقول إلا حقًّا». وهنا تم إبطال قولهم فحسن الوقف على قوله: {وما ينطق عن الهوى}. وبين {هوى} و {الهوى} جِناس شبه التام...